::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

مع الشّباب -2- ((كيف تقضي وقت فراغك؟))

بقلم : دعاء الأصفياء  

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

 

الشّباب 

هم الطّاقة الّتي تستمدّ منها الأمّة قوّتها، الشّباب هم الوقود الّذي يحرّكها ويدفعها إلى الأمام، ودونه تتوقّف عجلات تقدّمها، ويتعرقل سيرها، والشّباب هم العامل الأكبر في ازدهار الأمّة وانتصارها. إلى هذا أشرنا في حوارنا السّابق، ولنكمل معاً الحوار...

        تخيّل أنّك تعمل في شركة ما، وجاءك صاحب الشّركة بمهمّة يطلب منك إنجازها في ساعتين، وحدّد لك مكافأة ثمينة إن أدّيتها خلال الوقت المحدّد، ورتّب عليك عقوبة صارمة في حال لم تنجزها في هاتين السّاعتين، ثمّ تركك في مكتبك مع المهمّة المطلوبة.

        ترى.. ما هي أوّل فكرة سترد إلى خاطرك؟ هل يُعقل أن تجلس متفرّجاً على المادّة الّتي بين يديك دون أن تباشر العمل؟ هل يُعقل أن تشرب فنجاناً من القهوة، ثمّ تذهب وتنظر من الشّرفة متابعاً مشهداً يجري في الشّارع، أو تمتّع ناظريك بحديقة خضراء بادية من النّافذة؟ بالتّأكيد لا! وأيّ عاقل يفعلها؟! بل إنّ أوّل عبارة ستردّدها في ذهنك: عليّ ألا أضيّع دقيقة واحدة من هاتين السّاعتين، فماذا سيحلّ بي ما لم أنجز المهمّة؟

        تبدأ العمل، وتجدّ بهمّة، وتنجز عملك لتلقى بعدها المكافأة من مديرك، وتكون باستثمار السّاعتين قد حصّلت المكافأة من جهة، وتفاديت في الوقت نفسه عقوبة أنت بغنىً عنها.

        والآن دعنا نسقط الخيال على الواقع (ولله المثل الأعلى)، فمكتبك هو الدّنيا الّتي أوجدك الله عزّ وجلّ فيها، والمدّة الّتي حُدِّدتْ بساعتين هي عمرك، والمهمّة الّتي أوكِلت إليك هي العبادة والعمل الصّالح، والمكافأة هي الجنّة، أمّا العقوبة فهي النّار والعياذ بالله!

        سؤالي الآن: بم تملأ وقت فراغك؟ هل تستثمره فيما يرضي الله عزّ وجلّ؟ هل تستغلّه بما يفيدك ويفيد أمّتك؟ كثير من الشّباب - مع بالغ الأسف - يهدرون أوقاتهم فيما لا ينفع، بل فيما يضرّ أيضاً، يجلس على الشّاشة الصّغيرة، ويأتي على ما فيها من برامج لا تغني ولا تسمن من جوع، ليس ذلك فحسب، بل فيها من السّمّ الزّعاف ما يقضي على نقاء روحه ويقتلها. يشاهد المسلسلات، ولا يدرك ما لها عليه من سلبيّات، ويظنّ أنّها تمتّعه وتسلّيه. أو يدمن على متابعة المباريات بأنواعها، ولا أدري ما الفائدة الّتي يجنيها بعد أن يعلم النّتيجة النّهائيّة، أو عدد الأهداف الّتي سجّلها كلّ من الفريقين! أو ربّما يخرج مع رفقاء مهملين، ويمضون نهارهم في اللّهو وتضييع الوقت. وهكذا تمضي الأيّام، تخلُفها الأشهر، ومن ثمّ السّنون، وقد أضعتَ الأمانة الّتي حُمِّلتها، وأضعت شيئاً من أثمن ما منحكه الله تعالى.

        دقّق جيّداً في هذا الحديث، اقرأه جيّداً، وأدرك معاني كلماته: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وجسده فيما أبلاه، وماله فيما كسبه وأين وضعه، وأين أنفذه"(المعجم الأوسط). ولْنعدْ مرّة ثانية إلى عالم الخيال، تصوّر أنّ هذا العمر قد مضى، ومضت الحياة الدّنيا كلّها، وجاء اليوم الّذي تقف فيه بين يدي الله عزّ وجلّ من أجل الحساب. (هل تتخيّل وتضع نفسك في هذا الموقف؟ أو أنّك تقتصر على القراءة؟؟؟) أنت الآن واقف بين يدي خالقك، وتتلقّى السّؤال الّذي وُعدتَ بطرحه حينما كنت في الحياة الدّنيا: فيمَ أفنيت عمرك؟

        يـــــا للخجل!! بمَ ستجيب الله؟ التّلفزيون؟ اللّعب؟ اللّهو؟ تمضية الوقت دون فائدة؟ هل ستقول: يا ربّ! هناك كثير من الأمور كانت تشدّني، لذلك نسيت أن أنجز المهمّة الّتي أوكلتَها إليّ؟؟؟ حقّاً إنّه لموقفٌ مخجل، والمخجل أكثر "لا يزول". أين سيكون مصير قدميك إن لم تكن الإجابة على ذاك السّؤال مرضية لله تعالى؟؟ إنّ المؤمن وهو في الجنّة ليندم على دقيقة مرّت عليه في الدّنيا دون أن يذكر الله فيها، فكيف بساعات تمضي من يومك تقضيها فقط في الطّعام، والشّراب، واللّهو، وما لا ينفع؟ ألا تتدارك نفسك قبل فوات الأوان؟ لمَ لا تُمضي وقت فراغك فيما يحقّق لك النّفع والسّعادة. لم لا تقتطع من وقتك شيئاً للذهاب إلى المسجد، وتلقّي دروس العلم المغذية للأرواح؟ لمَ لا تجتمع مع رفقة أخيار، فتقومون معاً بمشروع مفيد ونافع؟ لم لا تقرأ كتاباً نافعا؟ ربّنا سبحانه وتعالى هو الّذي قال: "اقرأ" ألا تسمع كلام الله؟ ألا تطمع بثوابه؟ ألا تخشى عقابه؟ والله لن تسعد إلا إن ملأت وقتك بما يفيد وينفع! وإن أدركت قيمة هذا الوقت فإنّك ستندم على كلّ ثانية مرّت من عمرك هباءً منثورا. أيكون عقاب المدير الّذي أمهلك ساعتين أشدّ عليك من عقاب بارئك؟ أتكون مكافأته أعزّ عندك من مكافأة من يريد سعادتك في الدّنيا والآخرة؟

        فلْنطوِ صفحات العبث وهدر الأوقات، ولْنفتحْ صفحة جديدة نملؤها بما يقرّبنا من الله، ولنستثمر وقتنا فيما يكسبنا حبّه ورضاه. فما زال في القلب نبض، وفي الجسد روح، ويمكننا – ما إن عزمنا – إدراك ما فات.

 

ولتبدأ من الآن بالعمل والطّاعة

ولتعلمْ أنّ دقّات قلبك ماضيةٌ مـــع..

 

دقّات السّاعة

 

 

 

 التعليقات: 2

 مرات القراءة: 3087

 تاريخ النشر: 12/07/2009

2009-07-23

مخلص

جزاك الله خيراً أفكار هامة و نصائح هامة

 
2009-07-13

زينا

بارك الله لنا بك.

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2099

: - عدد زوار اليوم

7406859

: - عدد الزوار الكلي
[ 54 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan