::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> قضية ونقاش

 

 

الرؤى والأحلام والمنامات في الميزان الشرعي ...

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان " المشرف العام "  

 

الرؤى و الأحلام تعطي الإنسان صورة لكيانه الخفي و حقيقته الروحية والنفسية ، وهي صورة لمعدنه وجوهره ، وفي الوقت نفسه هي إثبات لعالم الروح المبثوث في حنايا الجسم والتي تتلقى أنواراً إلهية و إلهامات و إشراقات ربانية وكشوفات نافعة في مجالات الدين والحياة ...

بدأ الوحي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصالحة مدة ستة أشهر ، وهو ما عبر عنه عليه الصلاة والسلام بقوله : " رؤيا المؤمن حق ، وهي جزء من ستة و أربعين جزءاً من النبوة "  وهي إشارة إلى أن النبوة بدأت بسن الأربعين و انتهت بعد ثلاث و عشرين سنة مع وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فالرؤيا الحق هي كشف روحي باطني ، و إلهام رباني ، ولا تكون للإنسان إلا عندما ينـزه باطنه ( قلبه و نفسه ) عن الرذائل والغفلات ، و تفنى سرائره عما سوى الله ، فيرى الفاعل الحقيقي في هذا الوجود والمتصرف في شؤون الخلق هو الله سبحانه ، فتأتي الرؤيا لتكون له نوراً يسدد طريقه ويكشف له الغامض من الأمور .

و الرؤيا الصالحة تكون عوناً للإنسان عند الشدائد واليأس ، فتكون له قوة و تمكيناً على مواجهة الشدائد والصعوبات .

أبرز من اشتهر بتعبير الرؤى في التاريخ الإسلامي الإمام محمد بن سيرين ثم جاء بعده الإمام العارف بالله عبد الغني النابلسي – رحمهما الله تعالى –

من أبرز الرؤى عبر التاريخ رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام المنصوص عليها في القرآن الكريم  ، ورؤيا ملك مصر .. ورؤيا آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن ألطف الرؤى رؤيا الخليفة المهدي العباس ، فقد رأى في المنام وجهه مسودَّاً

،  فسأل المعبرين فعجزوا إلا ابراهيم الكرماني فقال له : تولد لك بنت ، فقال له : وكيف عرفت ذلك ؟ قال : من قوله تعالى : " و إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً ..." فأعطاه المهدي ألف درهم ، ولما ولدت له بنت أعطله ألفاً ثانية .

والأحلام أنواع :

1- أضغاث الأحلام : وهو الخلط والالتباس والتشويش ، وهي أحلام غير منطقية لا يقبلها العقل ، و أسطورية لا تحدث في الواقع ، وعشوائية لا تستند إلى دليل علمي . وهي أحلام لا وزن لها ولا تؤول أو تعبَّر .كأن يرى النجوم تطلع في كوكب الأرض أو أن شجراً ينبت في السماء وهكذا .

2 – وسوسة النفس : وهي أحلام لا تفسير لها نظراً لأنها رغبات نفسية لم تتحقق للإنسان في الواقع فيراها في المنام ، كأن يرى الجائع في نومه أنه يأكل طعاماً يشتهيه ، و كأن يرى العاشق الذي عذبه البعد من يحب ويهوى .. فهي أحلام لا تفسير لها إلا أنها تريح صاحبها نفسياً .

3 – الأحلام الحسية : كأن يكون اللحاف فوق فم النائم فيأتي الإحساس ليضخم هذه الحالة حتى يراها النائم عدواً يحاول أن يخنقه ، وربما تدور بينه وبين ذلك العدو معركة خطيرة ..

4- الأحلام الرمزية : وهي تعمل على تحقيق رغبة مكبوتة في الأعماق ، و أوضح مثال لها رؤيا يوسف عليه السلام .

5- رؤيا المؤمن : وهي المبشرات ، كرؤيا الشاعر شرف الدين البوصيري لما أصيب بالشلل و لزم فراشه و بدأ نظم قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم مطلعها :

أمن تذكر جيران بذي سلم              مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم

ولما وصل إلى قوله :

ومبلغ العـلم فيه أن بشـر                 .............................

سكت فلم يستطع أن يكمل البيت ، فنام فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا قد زاره وسأله عن حاله ، فاشتكى البوصيري من عدم تمكنه من إتمام البيت ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم  أكمله هكذا :

و أنه خير خلق الله كلهم

ثم ألبسه الرسول بردة ومسح المكان المشلول بيده ، فقام البوصيري من نومه دهشاً مسروراً وقد شفاه الله تعالى من مرضه ، فسمى القصيدة بـ ( البردة ) .

6 – الرؤيا الصادقة : كرؤيا ملك مصر و تفسير سيدنا يوسف لها .

بعد هذه المقدمـة :

 هل رؤانا اليوم تندرج تحت واحد من الأنواع المبينة أعلاه ؟

 وهل نستطيع التمييز بين ما يؤوَّل و يعبَّر وبين ما هو أضغاث أحلام ؟

وهل نستسلم للمنامات و نبتعد عن الواقع أو نزاوج بينهما ؟

ولماذا انقسم الناس فريقين : فريقاً لا يقبل الرؤى مطلقاً ، وفريقاً بنى مستقبله عليها !!

لماذا لا نأخذ من الرؤى الجانب المبشر ونبتعد عن الجانب السلبي ؟

الموضوع قابل للنقاش و بيان الرأي ...

مرحباً بآرائكم و أفكاركم


 التعليقات: 9

 مرات القراءة: 6381

 تاريخ النشر: 03/04/2009

2009-04-13

محمد خير - المشرف

أشكركم جميعا على تعليقاتكم و آمل الإجابة عن أسئلتكم في وقت لاحق إن شاء الله تعالى

 
2009-04-12

زينا

السّلام عليكم. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إنَّ الرؤيـا معلقـة على جناحي طـائر فإن فُسِّرت وقعت) .هل تقع الرؤى إن فسرت على سبيل المزاح ؟و هل تقع إن قيل قبل محاولة تأويلها ربما هذه الرؤية.......تعني .......و لتوضيح القصد : لي قريبة رأتني في رؤية (تبدو رؤية محكمة)و فسرت لي رؤيتها تفسيرًا ظنياً ؟فهل أنتظر وقوع هذه الرؤية ؟ ما رأي فضيلة الشيخ؟

 
2009-04-10

بنان الحرش

السلام عليكم .. جزيت خيراً أستاذنا الفاضل على طرح هذا الموضوع ومعالجته في ضوء الكتاب والسنة، فهو موضوع هام وخطير في الوقت نفسه ،لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: "إن من أفرى الفرى أن يري عينه ما لم تر" أي :أشد الكذب أن يدعي أنه رأى رؤيا وهو لم ير شيئا. وبالمقابل كان يهتم الرسول بالرؤى والأحلام فقد كان يسأل عن رؤى أصحابه كما في حديث سمرة بن جندب المتفق عليه: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر التفت إلى أصحابه، وقال لهم: هل رأى أحد منكم رؤيا؟} إذن الأمر يحتاج إلى توازن عقلي وشرعي ، لا كما أصبح عليه حال الناس اليوم فمنهم مَن غلا في تقييم الرؤيا ورَفَعَها عن مكانتها ،وقد يدَّعي بعضهم عِلْمَ الغيوب التي تفرد الله تعالى بعلمها، بسبب أنه رأى رؤيا ،و كثيراً منهم يسألون عن الأحلام -أحياناً- أكثر مما يسألون عن الحلال والحرام. وفي مقابل هؤلاء نجد من يستهينون بالرؤيا ويرون أن جميع ما يُتَحَدَّثُ عنه من الرؤى، إنما هو كلام عجائز، وخرافات وما أشبه ذلك! فهؤلاء أقرب ما يكونوا بالماديين الذين لا يؤمنون إلا بالمحسوس، ولذلك ينكرون الغيب، وما يتعلق به من الأمور.. الحقيقة أن الأحلام نعمة عظيمة من الله تستوجب الشكر لتدوم،فهي على الأقل تنفيس لضغوطات مكبوتة في النفس البشرية وقد تكون رسائل سريعة ومباشرة من الله تعالى إلى العبد سواء أكانت من المبشرات أو التحذيرات وهذا ما يُدعى بالرؤى؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرؤيا ثلاث منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة}/صحيح ابن ماجه/ والمعروف أن الأحلام تدل على اهتمام صاحبها وما يشغل تفكيره في اليقظة ،والصحابة الكرام عندما انشغلوا مع رسول الله في تبليغ وقت الصلاة انصرفوا وهم يفكرون ، فأتى عبد الله بن زيد بن عبد ربه إلى رسول الله يحدثه بما رآه في منامه من كلمات الأذان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنها لرؤيا حق . فلما سمعها عمر في بيته خرج يجر إزاره، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: والله يا رسول الله! لقد رأيت الذي رأى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله .حَمِدَ الله على تواطؤ رؤيا أصحابه، هذا ما كان يفكر فيه صحابة رسول الله في يقظتهم رضي الله عنهم وأرضاهم. .وهناك أحلام لا معنى لها وهي نتيجة لفراغ روحي تعيشه مجتمعاتنا اليوم فكونها فارغة من الأمور الجادة يجعلها تتجه إلى الحديث عن الأحلام،وتنشغل بتأويلها وتفسيرها وتأليف الكتب فيها المهم أن الرؤيا تدل على اهتمام الرائي بأمر من الأمور، فإذا كان الإنسان مشتغلاً بقضية الإسلام والإيمان، فإنه -غالباً- يرى أموراً تتعلق بهذا الموضوع. مثل ذلك فيمن يكون مشغولاً بالدنيا أو بالدراسة، غالباً يرى ما يتناسب مع اهتمامه. "اللهم اشغلنا بما خلقتنا لأجله"وأعتذر للإطالة

 
2009-04-09

ريما الحكيم

جزاك الله كل خير حضرة المشرف العام على هذه القضية المفيدة، مشكلة الناس اليوم أنهم بين الإفراط والتفريط، فترى أن منهم من يؤول أحلامه ومناماته ويسير عليها في حياته، ويعتبرها مؤشرات لكل ما سيحصل معه، ومنهم من لا يأخذ باي شيء منها، ولا يرى فيها أي إشارة لشيء.. علينا أن نتعامل مع كل الأمور بالوسطية.

 
2009-04-06

زينا

"السّلام عليكم.من أجمل الرؤى أن نرى عزيزًا توفاه الله تعالى أن نراه بحالٍ مبشر .و من أجملها على الإطلاق أن نرى سيدنا رسول الله عليه الصلاة و السّلام(هذه أمنية يتمناها كلّ مؤمن).قال رسول الله صلى الله عليه و سلم"من رآني في المنام فقد رآني".

 
2009-04-06

يمنى

جزاكم الله كل خير, فلطالما انشغل رأسي بالتفكير في هذا الموضوع. بالنسبة لي فأنا أؤمن بالأحلام( ولكن ليس لدرجة أن أبني مستقبلي عليها ) واعتدت تفسير الكثير منها بالرجوع إلى تفسير ابن سيرين رحمه الله تعالى أو بسؤال المختصين بذلك جزاهم الله كل خير, وكثير من الأحلام الني أراها تفسَّر على أرض الواقع( كرؤية الفاكهة الصفراء , والأسنان , والسمك وغير ذلك...) فمن هذه الأحلام ما يفسر بسرعة ومنها ما يأخذ أمداً لا بأس به, وأخاف كثيرا من الأحلام التي يكون تفسيرها مزعجاً, وتؤثر على تفكيري بشكل كبير. و لو يسمح لي فضيلة الشيخ ببعض الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع, 1- قلت فضيلة الشيخ: {فالرؤيا الحق هي كشف روحي باطني، و إلهام رباني، ولا تكون للإنسان إلا عندما ينـزّه باطنه ( قلبه و نفسه ) عن الرذائل و الغفلات، و تفنى سرائره عما سوى الله} فهل الرؤيا الحق هي التي تقع كما تُرى في المنام تماماً, أم أنها تقع كما تؤوّل؟ وهل تََحَقُق الرؤيا للشخص دليل على أنها رؤيا حق؟ بمعنى آخر هل تَحقُق الرؤيا دليل على نزاهة قلب الشخص ونفسه عن الرذائل و الغفلات؟ ويا ترى رؤيا فرعون التي بسببها قتل أغلب أطفال بني إسرائيل هل هي رؤيا صادقة؟.2- لقد فسّر سيدنا يوسف عليه السلام رؤيا عزيز مصر, وفي قوله تعالى على لسان نبيه يوسف: (فما حصدتم فذروه في سنبله) هنا أشار نبي الله على القوم بما يصلح أمرهم ويخفف من حدة تلك الكارثة, فهل هذا المشورة مقتصرة عليه كونه نبياً أو أن باستطاعة معبّر الرؤى أن يفعل الشيء نفسه؟ وهل يمكن أن تكون الأحلام التي نراها فضل من الله للتنبيه عن أحداث قد تحدث لنا مستقبلا ويكون في تفسيرها حل لها؟.3- سؤال أخير وأعتذر للإطالة, من وُلِدَ أعمى هل يحلم؟ وماذا يرى في منامه؟.

 
2009-04-05

عبدالله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع لكن أرى ان العلاج الشافي لهذا الموضوع هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال "الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره" البخاري فلم يبن النبي صلى الله عليه وسلم على الأحلام اي نوع من التصرفات، كما أن الواقع هو ان الناس غير قادرين على التفريق بين الرؤيا الصادقة وغير الصادقة، لذا ارى ان هذا هو العلاج وشكرا والموضوع قابل للنقاش

 
2009-04-05

جوهرة القصر

جزاك الله كل خير استاذي الموضوع في غايه الاهميه احيانا الله تعالى يبعث للانسان رساله ربما يكون في غفله عنه وتكون صحوته لربما بمنام يراه ولكن سؤالي لماذا هناك فئه من الناس ترى الاحلام وتتحقق معهم بالحياه اليوميه هل هم اناس ايمانهم قوي جدا ؟؟؟ هل هي نعمه من الله لهم وخصهم بها ؟؟؟ وكيف يمكننا التميز بين الاحلام والرؤيا مالفرق بينهما ....أنا من الاشخاص الذين يتأثرون بالاحلام التي يرونها وتنعكس بحياتي اليوميه ..

 
2009-04-04

علا صبَّاغ

الأحلام! كلمة تندرج تحتها معانٍ عديدة. ولعلّ أبسطها كما عرّفها علماء النفس بأنها أحلام رمزية فهي تنفيس لرغبة مكبوتة..ولكن قد تكون في أيام الفحوصات أو أيام القلق مجرد أضغاث أحلام لا تمت إلى الواقع بصلة! ولكنها مجرد صور تم تخزينها في الذاكرة ومن ثمّ إعادة تركيب هذه الصور على شكل أحداث جديدة قد تكون جميلة أو مزعجة...من رأيي أنه إذا الحلم سيئاً فاتركه .. لا تفسره أبداً ولا تقصه على أحد فالحلم معلق بين السماء والأرض إن فسرته وقع أما إن كان خيراً فاستبشر به لعلّ الفرح قريب.. وبالنسبة لي فإني غالباً ما أنسى ما كنت أحلم به!

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 91

: - عدد زوار اليوم

7807961

: - عدد الزوار الكلي
[ 26 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan