ممَّ تغـار ومـمّن ؟!
بقلم : بتول : B
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها) متفق عليه.
فالبعض يغبط أخاً له أعطاه الله مالاً ينفق منه في سبيل الله ليلاً ونهاراً، سراً وعلانيةً، ويتمنى أن يصبح مثله.
والبعض الآخر يغبط ذلك العالم العامل الذي ينفق من علمه آناء الليل وأطراف النهار، داعياً إلى خالقه عز وجل، مبتغياً بذلك وجهه الكريم.
أو يغبط ذلك القائم لليل، الذاكر لربه. أو يغبط أخاه لحفظه القرآن، وتعلّمه إياه، والعمل به وتعليمه.
أو يغبط ذلك القارئ للقرآن بطلاقة، والذي سيكون مع السفرة البررة.
ومنهم من يغبط الصحابة رضوان الله عليهم لطهر قلوبهم وصفائها، ولصلتهم بالله عز وجل، وقربهم من رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن أطهر القلوب بعد قلب الرسول صلى الله عليه وسلم هي قلوب الصحابة رضوان الله عليهم، عدا عن ذلك ما قاله الله عز وجل في حقهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (18) سورة الفتح.
عدا عن تبشير بعضهم بالجنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام عرف قدر أصحابه، وأعطى كل واحد حقه فقال: (حكماء علماء كادوا من فقهم أن يكونوا أنبياء).
من منا لا يغبط سيدنا أبا بكر الصديق العتيق رضي الله عنه، الرجل الثاني بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الرجل الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (أول ما يعطى من هذه الأمة كتابه بيمينه عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس. فقيل له: فأين أبو بكر يا رسول الله؟ قال: هيهات! زفّته الملائكة إلى الجنان)
وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي نزلت آيات من القرآن الكريم موافقة لآرائه.
وسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الحيي الذي تستحي منه الملائكة.
وسيدنا علي رضي الله عنه سيد في الدنيا، وسيد في الآخرة، ورجل يحبه الله ورسوله، ويحب اللهَ ورسوله.
والسيدة خديجة وابنتها السيدة فاطمة رضي الله عنهما، من أكمل نساء العالمين الأربع. والسيدة فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
والسيدة عائشة رضي الله عنها التي لو وزن علم الناس وعلم أمهات المؤمنين، لرجح علمها، وهي الحافظة حواليِ 2210 حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي اهتز لموته عرش الرحمن.
وسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعلم أمتي بالحلال والحرام).
وسيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه الذي كان يرحب به الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً:(الطيب المطيَّب).
وسيدنا زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسيدنا أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة. و و و ...
ومع كل هذا يقول أحدهم:"طلبي للجنة بطيء".
أيكفي أن نغبطهم فقط؟ لا بل يجب أن نتعلم منهم، ونقتدي بهم، ونجاهد مستعينين بالله عز وجل كي ننال على الأقل بعض الرفعة التي نالوها.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا من أحبابه وأحباب وإخوان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن لم يكن بأهليتنا فبفضله ومنّه وكرمه، فهو إذا أراد بعبده خيراً خلق الفضل ونسبه إليه.
و منهم من يغار من الذين هم أفضل منه في أي شيء، وآخر يحسد جاره الذي حصّل درجة عالية في دراسته، و آخر يحسد من أجمل منه، أو من عنده بيت أجمل من بيته، أو..........
أو تغار من أختها الأذكى منها التي يمدحها والداها، وبعضهم يحسد جاره على شجرة في بيته ذات المنظر الجميل، والظل الوارف، والثمار اليانعة اللذيذة، فيقول لأصحاب تلك الشجرة: اقطعوها لأنها تؤذي البناء. فالحسد نار تشتعل في الصدور والقلوب، تأكل صاحبها حتى تنهكه وتقضي عليه. إذ قيل: راحة الجسد في قلة الحسد.
فالحسد ثلاث مراتب: أدناها أن تتمنى زوال النعمة عن غيرك، والأشد منها أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك وتحولها إليك، أما أشدها وأقساها أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك دون أن تتحول إليك.
هؤلاء الدنيويون الذين جعلوا جلّ اهتمامهم لدنياهم، وحين تحسد أخاك على شيء حقير من الدنيا فلا تكدْ له، بل اطلب من الله، فإذا طلبت منه شئاً حقيراً يعطيك إياه. فلمَ الحسد؟ ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء. والمؤمنون قوم نصحة بعضهم لبعض متوادون وإن بعدت ديارهم، والمنافقون غششة بعضهم لبعض وإن قربت ديارهم.
أخيراً: أنتم ممّ وممن تغارون؟ بوضوح ودون حرج، وهل غيرتكم هي من نوع الغبطة أو من نوع الحسد؟ وإن غرتم من شخص ما، فهل تسعون لتحصيل ما حصّله هو كي تصبحوا مثله أو أفضل منه؟
التعليقات:
5 |
|
|
مرات
القراءة:
3785 |
|
|
تاريخ
النشر: 16/04/2009 |
|
|
|
|
|
|