حوار مع الشيخ "محمد خير الطرشان" من موقع "الهندي" (1)
بقلم : أسرة الموقع
من أجل الوقوف على أسباب تراجع أمتنا الإسلامية في هذا العصر، وأملاً في إعادة الضالّ من شبابها إلى جادّة الصواب للنهوض بها، كان لموقع ((الهندي.نت)) لقاء مع المشرف العام فضيلة الشيخ "محمد خير الطرشان"، وذلك عام 2007م. وقد دار الحوار حول محورين:
· تسليط الضوء على الحياة الاجتماعية، والدعوية
للشيخ "محمد خير".
· الحديث عن الأزمة التي تمر بها الأمة
الإسلامية، والْتِماس الحلول لها.
لنتابعْ معاً الشطر الأول من الحوار القيّم الذي أجراه الأستاذ "نائل الغلاييني".
ولنُنْعم النظر في حياة يعبق في ثناياها شذا العلم، والعمل، والجد، والنشاط.
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ نائل: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أحييكم بتحية الإسلام، وأقول لكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي وأخواتي الكرام! ضيفنا في هذا الحوار فضيلة الشيخ "محمد خير الطرشان" الذي أكرمنا الله - تعالى - باستضافته في موقعنا ((الهندي.نت)) وسيكون بحثنا عن أسباب ضياع الأمة الإسلامية في زماننا هذا، والحلول التي يمكن اتباعها لإيجاد مخرج مما أصابها من أمراض عُضال، وما هي الآمال المعقودة على الناشئة من جيلها.
^ جانب من حياة الشيخ الطرشان:
فضيلةَ الشيخ! قبل أن نخوض في موضوعنا نودّ أن نتعرف على شخصكم الكريم، ونسلّط الضوء على حياتكم الاجتماعية، ونعرف شيئاً عن نسبكم، وأسرتكم، وأولادكم، وعن البيئة التي تربيتم فيها.
الأستاذ محمد خير: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أشكر لكم هذا التقديم الطيب، ويشرفني أن أكون ضيفكم في هذا البرنامج الذي تسعون من خلاله إلى تقديم مادة دسمة إلى الإخوة القراء، وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن أكون عند حسن ظنكم، وظن الإخوة القراء. كما أنني أشكر فضيلة الشيخ ((حسان الهندي))، وموقعه على هذه المبادرة الطيبة، وأسأل الله - تعالى - أن يكون قدوة لغيره في تقديم ما ينفع لجيلنا الشاب، ولكل المهتمين بالثقافة الإسلامية.
أ- التحصيل العلمي:
حول ما تفضلت به، والمقدمة التي أشرت إليها تطلب مني أن أعرف بنفسي: الحقيقة أنا طالب علم صغير، ولا أزال مبتدئاً إلى اليوم، وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ينفعنا جميعاً بما تعلمنا، وأن يجعل علمنا حجة لنا لا حجة علينا. بعد المرحلة الابتدائية انتقلت على الفور إلى معهد الفتح الإسلامي، وفيه درست ستَّ سنوات حيث تخرجت منه، ثم بعد مدة التحقت بقسم التخصص، ومن قسم التخصص الجامعي انتقلت إلى جامعة الأزهر، وهناك سجلت في قسم اللغة العربية وآدابها، ونلت منها درجة الليسانس. وبعد ذلك أكرمني الله تعالى، فالتحقت بقسم الدراسات العليا في كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية لنيل درجة الماجستير. هذا عن التحصيل العلمي.
ب- البيئة والمنشأ:
أما عن البيئة التي نشأت فيها: نشأت في بيئة متواضعة، لكنها كانت تعمل جهدها أن يكون جُلُّ أفرادها من طلبة العلم. والحمد لله إخوتي الأشقاء كلهم جامعيون، ومنهم طلاب علم ولله الحمد، ووالدي - جزاه الله خيراً - له الفضل الأكبر في أن سلكتُ طريقَ العلم الشرعي، وأكرمني الله سبحانه وتعالى، فكنت من العباد العاملين، والمدرسين في معهد الفتح الإسلامي، فأنا فيه طالباً منذ عام 1979م، ومدرّساً منذ عام 1986م إلى اليوم، وأعمل كذلك عملاً إدارياً في خدمة هذا المعهد، وخدمة طلابه، أسأل الله - تعالى - القبول، وأسأله التوفيق لي، ولكم، وللإخوة القراء.
جـ- الحياة الدعوية:
الأستاذ نائل: هلا سمحتم لنا أن نتعرف على شيء من حياتكم الدعوية: على من قرأتم؟ كيف تعلمتم؟ بعضاً من نشاطاتكم الدينية إذا سمحتم.
¤ معهد الفال تح إسلامي وأخذ العلم عن أساتذته:
الأستاذ محمد خير: في الواقع كانت قراءتي كلها في معهد الفتح الإسلامي، وفي معهد الفتح الإسلامي كان لي فرصة عظيمة - مع حداثة سنّي - أنني طلبت العلم، وتلقّيته على كبار علماء دمشق، وجهابذتها، وعلى رأسهم سيدنا الشيخ الراحل "محمد صالح الفرفور" رحمه الله تعالى، ومولانا الشيخ "عبد الرزاق الحلبي"، وسيدنا الشيخ "أديب الكلاس"، وسيدنا الشيخ "صبحي البغجاتي"، وسيدنا الشيخ "موفق النشوقاتي"، وسيدنا الشيخ "أحمد رمضان"، وسيدنا الشيخ "أحمد قتابي"، وسيدنا الشيخ "نور الدين خزنة كاتبي". هؤلاء هم مشايخنا الذين أخذت عنهم، وتلقيت العلم عليهم.
1- الشيخ صالح الفرفور:
كل تفاصيل دراستي لا أزال أذكرها إلى اليوم، ولن أنسى العناية الخاصة التي كان يُوْلِِينا إياها مولانا الشيخ "صالح الفرفور" رحمه الله تعالى، هذا الرجل الكبير في علمه، الكبير في همته، المتواضع في حياته، كان يعطينا من وقته الشيء الكثير، كنا - لما ابتدأنا العلم في معهد الفتح الإسلامي - نَحضُر له درساً أسبوعياً، كان هذا الدرس بمثابة درس تزكية للنفوس، درس أخلاق يروي لنا فيه قصص الصالحين، وسير السلف الصالح رضي الله عنهم، وكان كثيراً ما يحدّثنا عن أعلامهم، كأمثال "إبراهيم بن الأدهم"، و"الفضيل بن عياض"، و"بشر الحافي"... وهؤلاء الأعلام الذين مَن تعرّفَ على حياتهم زهد في علمه، وحياته، وكل ما يملك؛ لأنهم كانوا من أبناء السلاطين، والعلماء، الملوك، ومع ذلك أعرضوا عن هذه الدنيا، واتجهوا إلى الله سبحانه وتعالى، فطريقهم طريق الجنة. لذلك كان الشيخ "صالح الفرفور" يركّز في تربية أبنائه على هذا الجانب، كان يحرص في كل درس أن يملأ قلوبنا حباً لهؤلاء الرجال، وسيرتهم، ومقولاتهم، وكل أحوالهم.
بعد ذلك لما ارتقينا في الصفوف، كان يدرّسنا مواد متخصصة، فأنا - على سبيل المثال - أول ما درست على الشيخ "صالح الفرفور" رحمه الله تعالى كتاب "تفسر آيات الأحكام" لأحد علماء الأزهر، الشيخ "محمد علي السايس" رحمه الله تعالى. فكان الشيخ بتدريسه هذا الكتاب يقف معنا عند دقائقه، وأحكامه، وينوّر قلوبنا، وعقولنا، وأذكارنا. بعد ذلك كان يدرّسنا كتاباً في أصول اللغة، هو كتاب "أصول النحو" للإمام "السيوطي" رحمه الله تعالى، وكان من كبار أهل العلم. ثم درسنا عنده كتاب "دلائل الإعجاز"، وهذا في علم البلاغة للشيخ "عبد القاهر الجرجاني" رحمه الله تعالى، هذا الكتاب يبحث في القرآن الكريم، ومواطن الإعجاز اللغوي والبلاغي في كتاب الله سبحانه وتعالى، ويضمّ كثيراً من الشواهد، الشعرية، والأدبية، والنثرية، وكل ما ندرسه عند مولانا الشيخ "صالح الفرفور" - رحمه الله تعالى - كان في بيته، وكنا نجلس على ركبنا بين يديه، وكان يعاملنا كما يعامل الأب أولاده؛ بحنان، ودفء، واهتمام، ومحبة.
2- الشيخ عبد الرزاق الحلبي:
كذلك مولانا الشيخ "عبد الرزاق الحلبي" - أكرمه الله تعالى - درسنا عنده مواد كثيرة، لكن من أعظم المواد التي كان يدرّسنا إياها مادة "الفقه الحنفي" (كتاب "الاختيار")، هذا الكتاب في الفقه الحنفي درسناه جميعه على سيدنا الشيخ "عبد الرزاق الحلبي"، كذلك درسنا قسماً من كتاب "مغني اللبيب"؛ وهو في النحو لـ"ابن هشام"، وقسماً من كتاب "مقدمة ابن الصلاح" في علم الحديث؛ وهو كتاب متخصص في علم المصطلح، وعلم الرجال.
3- الشيخ أديب الكلاس:
أما سيدنا الشيخ "أديب الكلاس" - حفظه الله تعالى وشفاه وعافاه - فقد كان يدرّسنا علم العقيدة، والتوحيد، والمنطق القديم، وكان يدرّسنا أيضاً بعض المواد التي أحوج ما يكون إليها طالب العلم لتأسيس ذهنه، وعقله، وتنوير قلبه وفؤاده. وقد أوتي هذا العالم الجليل مقدرة عقلية، وعلمية على الاستدلال بالمنطق، والعقل، وضرب الأمثلة والشواهد بشكل غريب، وعجيب، لا يكاد يوجد له نظير في دمشق حتى اليوم. رجل بارك الله لنا في حياته، تميز بهذا العلم، ولعل السبب في ذلك هو جمْعُه بين علم المعقولات؛ كمادة المنطق القديم، وعلم الروحانيات ؛كالتصوف، والسلوك، والإحسان، والأخلاق الإسلامية الفاضلة. هذا جزء مما شرح الله صدري أن أتحدث به.
¤ العمل والنشاط الدعوي:
1- إلقاء الخطب والتدريس:
أما بالنسبة لعملي الدعوي؛ فأنا أقوم بخطبة الجمعة بشكل رسمي منذ عام 1990م، حيث عُيِّنتُ خطيباً في ريف دمشق، في بلدتي "الطيّبة"، أقمت في مسجد الطيّبة بعض الدروس في السلوك والأخلاق، وأقمت بعض الدروس في بيتي حصراً في مادة البلاغة، هذه المادة التي أحبها، وأعشقها كثيراً، وتلقّيتها على مجموعة من الأساتذة، لكن أكثر ما أثّر فيّ أستاذ كبير، ومربٍّ جليل، هو الشّيخ "ممدوح النشار" حفظه الله تعالى، هذا الرجل صنع فيّ مقدرة على حب الأدب، واللغة، والبلاغة. لذلك كان جزء من اختصاصي في علوم العربية، بلاغتها، وأدبها، ونصوصها.
2- موقع رسالتي والنشر الإلكتروني:
مشاركاتي الاجتماعية في الأفراح، والمناسبات، والتعازي، واللقاءات الاجتماعية والوطنية، لكن هذا كله أجعله في وقت الفراغ؛ لأنني قد شغلت وقتي كله بالتدريس، ونشر موقع على الشبكة العالمية (الإنترنت)، هذا الموقع سميته ((رسالتي.نت))، بدأت بـ((رسالتي.كوم))، وحوّلته إلى ((رسالتي.نت)) وحجزت الموقعين لمسألة حدثت معي.
أنا أجعل من نفسي خادماً في هذا الموقع لكثير من الكتّاب، والأدباء، والعلماء، والدعاة، حتى المبتدئين في الكتابة. أجعل من نفسي خادماً لهم لنقل صورة صحيحة عن ثقافتنا الإسلامية، وعن دعوتنا المتميزة بأنها توجَّه إلى جيل الشباب، وتكاد تصل إلى قلوبهم، حيث نركز على الجانب العاطفي إضافة إلى الفكر عند شبابنا المسلم، وحتى عند غير المسلمين، فليس هناك مانع أن يقرأ غير المسلمين هذه المادة العلمية التي تُنشر؛ لأنه ليس فيها صدام، أو خصام، أو عنف، إنما هي كلمة حكمة تنطلق من قوله تعالى:[]ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ...[] سورة النحل (125). فجُلّ وقتي الآن ينصرف في إعداد هذا الموقع، وتهيئة المواضيع للنشر، والتواصل مع الآخرين، وخاصة أن عندي قسماً تفاعلياً مع القراء هو قسم الفتاوى والاستشارات، فتأتيني استشارات كثيرة، وأجيب عليها، أستعين بما أوتيت من بضاعة قليلة، وبإخواني، وأساتذتي، وأقدم لهم الفتاوى من منطلق قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بشّروا ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا". صحيح مسلم.
الأستاذ نائل: نشكركم - فضيلةَ الشيخ - على هذه الإضاءات، ونسأل الله أن يزيدكم تألقاً، وتأييداً.
القسم الثاني من الحوار اضغط هنا
التعليقات:
9 |
|
|
مرات
القراءة:
4214 |
|
|
تاريخ
النشر: 10/07/2009 |
|
|
|
|
|
|