::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> خطب الجمعة

 

 

الثقة بالله عند الأزمات و المحن

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان  

 

 ((الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله. يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك! لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا وحبيبَنا وقرة أعيننا محمداً عبدُه ورسولُه، وصَفِيُّه وخليلُه. اللهم صلِّ وسلم وبارك على هذا النبي الكريم، وعلى آلهِ وصحبهِ الغرّ الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين)).
أما بعد: فيا عباد الله! أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى، وأحثكم على طاعته واتمسك بكتابه، والالتزام بسنة نبيه ومنهاجه إلى يوم الدين.
يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل : ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونََ)) (1) التوبة – الاية 33
 وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((" لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإسْلامَ ، وَذُلاً يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ "))مسند أحمد / مسند الشاميين
أيّها الأخوة المؤمنون: شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يكون لهذا الدين النصر والغَلَبة ، وقضت إرادة الله سبحانه وتعالى أن ينتشر هذا الدين ، وأن يبلغ البلاد شرقاً وغربا، وأن تتحقق نبوءة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي الراكب مابين صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، وكانت البشارات كلها تؤكد أن المستقبل للإسلام، و أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب أصحابه ذات يوم فقال لهم : إن الله زوى لي الأرض,( أي جمعها)فرأيت مشارقها ومغاربها,وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ( أي إن الرسالة المحمدية رسالة الخير والمحبة والعدالة والفضيلة والتسامح وحقوق الإنسان ستبلغ ما جُمع لي من الأرض)
وفي ذلك إشارة عظيمة؛ إلى أن هذا الدين له الغَلبة وإلى أن رسالة الإسلام لها الديمومة إن شاء الله تعالى..
أيها الإخوة؛ إن أمة الإسلام المتطاولة شرقاً وغرباً، يمر بها ظروف صعبة ، وتمر هي بظروف استثنائية؛ من المحن والابتلاءات، وقد تكون ابتلاءات كونية كالأعاصير والفيضانات والكوارث ونحو ذلك... وقد تكون ابتلاءات نفسية أو روحية.
 ومن أبرز هذه الابتلاءات التي تمر بها الأمة؛ ضعف الثقة بالله تعالى أو سوء الظن بالله تعالى عند الأزمات. وأما نصوصها الشرعية فإنها تؤكد أن المؤمن الحق إنما تزداد ثقته بالله تعالى يقيناً ورسوخاً وثباتاً إذا هو تعرض للمحن أو إذا هو ابتُلي بأزمة وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى إشارة في حق سيدنا موسى عليه السلام لمَّا جمع الله له مئة من الناس معه وأرجفت قلوبهم خوفاً من فرعون وجنده وقومه وقالوا لموسى وهم أمام البحر" إنا لمدركون" فقال لهم سيدنا موسى عليه السلام" كلا إن معي ربي سيهدين ".
 ومثل هذا القول حصل مع لوط عليه السلام لمّا تآمر عليه قومه قال لهم :" قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" وهنا جاءت (أو) بمعنى الإضراب أي لو كنتم أهلاً أن اعتمد عليكم لاتكلت عليكم؛ لكني؛ سآوي إلى ركن شديد قال المفسرون: (الركن الشديد) هو الله .العاصم الضار النافع الحافظ .
وهذا هو ما يبتغي أن يكون عليه ملاذ الناس جميعاً وأيضاً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لمّا تعرض لأزمة يوم صلح الحديبية، وكاد أن يتمرد عليه بعض أصحابه قال لهم : "إنه الله ولن يضيعني " لن يضيعني لأنني اعتصمت به وتوكلت عليه.
 وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا قال لهم الناس: ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم )) فما زادهم ذلك إلا إيماناً وتثبيتا؛ لأنهم كانوا يعتصمون بالله سبحانه وتعالى.
أيها الإخوة..: المسلم في زمن المِحنَة ينبغي أن يقرأ المِنحَة، وفي زمن المَنع ينبغي أن يرى العطاء من الله سبحانه وتعالى، والمسلم إذا أصابه شرٌ أو مكروه فعليه أن ينتظر الفرج من الله تعالى ،لأن الله لن يجعل بعد عسرٍ إلا يسرا .
أعطيكم ثلاثة نماذج من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يرى في المِحنة منحةً.. وفي المنع عطاءً ..وكيف كان يستخرج من الأزمة بشارةً:
* يوم الهجرة عندما هاجر النبي عليه الصلاة والسلام ،وتبعه سراقة بن مالك وغاصت أقدامه في الرمال، حتى استنجد برسول الله وهو المُطارِد له، فأصبح المُطارِد يستنجد بالمطارَد، وقال: الأمان الأمان يا محمد، فالتفت إليه النبي عليه الصلاة والسلام وأعطاه الأمان، ولما أن تحول براحلته إلى مكة راجعاً إليها قال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟
أين أنت يا رسول الله وأنت مطارد تعطي البشرى!! وتحقق أن دخل سراقة الإسلام، وحَسُن إسلامه وقاتل في جيش سيدنا عمر الفاتح لبلاد فارس، ولمّا جِيء بالكنوز والذهب والغنائم فوضعت بين يدي عمر، وكان يُقلبها بعصاه، فوجد سِواري كسرى فقال أين أنت يا سراقة؟؟ تعال لتحقق نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم . إنها البشارة جاءت في لحظة الأزمة
*وفي زمن المحنة في غزوة الخندق وكانت المدينة في حالة حرب وحصار، وكان الناس يحفرون الخندق حول المدينة ،وكلما استعصت عليهم صخرة عظيمة يستنجدون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستنجدوا به فحمل الفأس فقال: باسم الله ألله أكبر وضرب الضربة الأولى، وقال: فُتحت عليّ بلاد الشام وإني أرى قصور بصرى، ثم ضرب ضربةً ثانية وقال: الله أكبر فتحت عليّ بلاد فارس وإني أرى مدائنها البيض، ثم قال: ألله أكبر وضرب الضربة الثالثة وقال فتحت عليّ بلاد اليمن وإني أرى قصورها.
كيف تحقق له ذلك أيها الأخوة وهو في حالة أزمة وشدة ؟؟ إنها الثقة بالله، إنه الاعتصام بالله، إنه عدم التخلي عن الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الحديث القدسي : أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء.
فيا أيها الأخوة: إذا كان المسلمون في هذا الزمن الصعب يتعرضون لأزمة ما فإنما عليهم أن تزداد ثقتهم بالله سبحانه، وأن يزداد يقينهم ثباتاً، وعقيدتهم رسوخاً؛ بأن النصر والغَلبة والتمكين يكون لدين الله تعالى .
اللهم إنا نسألك أن تآمننا في أوطاننا، وأن تحفظ علينا ديننا، إنك على كل شيء قدير، أقول هذا القول واستغفر الله.
 

 التعليقات: 4

 مرات القراءة: 8871

 تاريخ النشر: 04/06/2011

2011-09-29

يوسفالعلي

لافض فووووووك

 
2011-09-17

ابو البراء

شكرا على المتابعة

 
2011-09-15

إدارة التحرير

الأخ أبو براء : نشكرك على حسن ظنك ،،، لو تكرمت أرسل استشارتك للشيخ على بريده attarshan@hotmail.com

 
2011-09-14

ابو براء

الحمد لله الذي ابتلى فما ترك ومنع فما نسي وامتحن فما غفل شكرا للشيخ على هذه الخطبة التي تبث الامل في النفوس ارغب باستشارة من الشيخ لو كان يقرأ كلامي.

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 556

: - عدد زوار اليوم

7400663

: - عدد الزوار الكلي
[ 59 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan