::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> خطب الجمعة

 

 

الاعتصام بالقرآن و السنة

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان  

 

خطبة الجُمعة بتاريخ 31 / 8/ 2012
في جامع العثمان بدمشق
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنَّا لنهتديَ لولا أن هدانا الله، يا ربَّنا لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهكَ وعظيمِ سلطانك، سُبحانَكَ لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك.. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لهُ الملك ولهُ الحمد يُحيي ويميتُ وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا مُحمَّداً عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه.. اللهُمًّ صلِّ وسلِّم وبَارك على هذا النبيِّ الكريم، صلاةً تنحَلُّ بها العُقَدُ، وتَنْفَرجُ بها الكُرَبُ، وتُقْضى بها الحوائجُ، وتُنَال بها الرغَائبُ وحُسنُ الخَواتيم، ويُستسقَى الغَمَامُ بوجْهِهِ الكريم، وعَلى آلهِ وصحبهِ وسلِّم تسليماً كثيراً..
أما بَعْدُ فيا عباد الله: أُوصي نفسي وإيَّاكم بتقْوَى الله تعالى.. وأحُثُّكم على طاعَتِهِ والتَمَسُّكِ بكتابهِ، والالتزامِ بسُنَّةِ نبيّهِ سيدنا محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلَّم ومنهاجِه إلى يومِ الدِّين وأستفتح بالذي هو خير..
يقول الله تعالى في سورة الأنعام: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
يروي سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فيقول: : خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطاً ثم قال: ((هذا سبيل الله))، ثم خطّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: ((هذه سُبُلٌ على كل سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه))، ثم تلا هذه الآية: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
أَيُّها الإخْوَةُ المؤْمِنون: سبيلُ الله تعالى هو الكتاب والسنة، سبيل الله هو طريق الحق، سبيل الله هو الاستقامة، وليس بعد الاستقامة على دين الله وشرعه طريقة.
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَ‌بُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُ‌وا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت:٣٠]
عندما نزلت هذه الآية، وبيَّنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لأصحابه كان لكلٍ منهم وجهة نظر وقولٌ يفسرها، ولعل من أرشد الأقوال ما ذهب إليه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حيث قال: " الاستقامة على دين الله أن لا تروغ روغان الثعالب " ألا تكون ذات اليمين وذات الشمال، بل أن تسلك طريق الحق، طريق الوضوح، أن تكون من أهل الحق في قولك وفعلك وسلوكك ومنهجك ودعوتك، وهذا هو الطريق الذي جاء به القرآن الذي دلت عليه هذه الآية " وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا " .
إنه صراط الحق، إنه القرآن، إنها سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم التي قال فيهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيم يرويه الإمام مالك بن أنس مرسلاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله". رواه في الموطأ.
ليس هناك أعظم من أن نعتصم بالقرآن والسنة في حياتنا بشكلٍ عام، وليس هناك من دلالةٍ أوضح على ضرورة التمسك بمنهج القرآن والسنة في حياة المؤمنين بأحوالهم العادية، فما بالكم إذا كثرت الفتن وكثر الهرج والمرج واشتعلت أمور الناس؟ ألسنا أحوج ما نكون إلى التمسك بمنهج القرآن والسنة في حياتنا من حيث العقيدة ومن حيث السلوك ومن حيث العمل!! ليس هناك من طريق أنجى من طريق القرآن والسنة.
وقد جاء في الحديث الذي يرويه سيدنا العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودّع فماذا تعهد إلينا؟ قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًا، فإنه مَنْ يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )).
أيُّ سُـنَّةٍ - أيها الإخوة - يدعونا إليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فنُعرض عنها؟  قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] 
إنها السنة التي تنقذنا من ضياعنا، والتي تخرجنا من ضيقنا، والتي تكون منهجَ حياةٍ لنا في حياتنا اليومية والسلوكية، في حياتنا اليومية، في كل معاملاتنا؛ بيعاً وشراءً، ذهاباً وإياباً، سفراً وحضراً.
إن سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لم تترك صغيرةً ولا كبيرةً إلا جاءت موضحة لها، مبينة أحكامها، مفصِّلةً لما جاء من أحكام الحلال والحرام وكل ما يحتاج إليه الإنسان.
أجل أيها الإخوة، عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة
هكذا كان منهج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في خطبته، فإذا ارتقى المنبر كان يوصي الناس بتقوى الله تعالى، ويحذرهم من عصيانه، ثم يقول: " وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثة بدعةوما أكثر المحدثات في زماننا.. على مستوى العبادة، كثيراً ما يخترع الناس ويبتدعون عبادات لم يرد لها أصلٌ في الدين، وعلى مستوى العبادات بين الناس تصبح العادات كأنها عبادات، وتصبح الأعراف التي تعارف الناس عليها ولم تندرج تحت أصلٍ شرعي كأنها قانونٌ سماويٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ونُعرض عن حكم القرآن والسنة، ونتركُ ما جاء من أحكامٍ بينةٍ واضحة في القرآن والسنة فلا نبالي بها، وليس أدل على ذلك مما يجري في حياتنا اليومية في شؤون البيع والشركات وأحكام الطلاق والزواج واغتصاب أموال الناس وأكل حقوقهم، فنرى أن الناس يلجؤون إلى أمثالٍ شعبية ومقولات عفا عليها الزمان ويتركون الحكم الشرعي الصريح الواضح الذي نصُّه مبيَّنٌ في القرآن والسنة. إن المحدثات كثرت أيها الإخوة، فما بالكم إذا كانت هذه المحدثات في مجال الحياة اليومية؟ اتباع الرأي والهوى، أليس هذا الأمر من المحدثات؟ نرى اليوم ونسمع ونعيش هذه الظاهرة بشكل كبير، أنا أرى وأنا أرجح، وأنا أميل، وأنا أتوقع، وهذا كله من الأمور التي تركنا فيها السبيل الواضح القرآن والسنة ولجأنا إلى أهوائنا ونفوسنا فأصبحنا نقرر ونحلل ونعطي النتائج وقد تركنا المقدمات السليمة التي نُصَّ عليها في القرآن والسنة.
أَيُّها الإخْوَةُ المؤْمِنون: أعود وأختصر هذا الموضوع وأقول: إننا في زمن فتنةٍ كثرت فيه المحدثات، ولعل المخرج من هذه الفتن أن نضع لذلك مجموعة من الضوابط وأهم هذه الضوابط ( لزوم القرآن والسنة والاعتصام بهما )، فهما المنقذ لنا في كل زمان.
نجد كثيراً من الناس يقولون: والله إني أعيش في حيرة لا أعلم ماذا أفعل. بعض الناس يسافرون ويهاجرون، بعض الناس يختفون ويعتزلون ولا يواجهون الحياة والمجتمع، لماذا؟ والقرآن والسنة بين أيدينا فلنحكِّمْ كتابَ الله فينا، ولا ينبغي لنا أن نحكِّمَ أهواءنا، وكما ذكرت لكم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تركهما لنا صريحين واضحين فإن تمسكنا بهما نجونا من شرور أنفسنا ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.
يروى عن أبي شريح الخزاعي أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا وأبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟!)) قالوا: نعم، قال: ((فإن هذا القرآن سببٌ طرفُه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضلّوا ولن تهلكوا بعده أبدًا )) . سببٌ، أي: نجاة، وله طرفان، طرفٌ بيد الله تعالى، أي: بيد الحق متمسك بالحق، وطرفٌ بأيديكم - معاشر المؤمنين - فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا، إنه المخرج، إنه الملاذ، إنه الاعتصام الذي ينبغي أن نعتصم به وإليه، أبشروا أبشروا، ومتى يبشر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أصحابه؟ إنه يبشرهم في حال الضيق، في حال الشدة، في حال العسر، وكأن الحالة التي يعيش بها الناس اليوم في عصرنا في بلدنا في زماننا أحوج ما يكونون إلى هذه البشارة من سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، أبشروا أبشروا، ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ بلى يا رسول الله نشهد ونؤمن، قال: فإن هذا القرآن سبب (أي: سبب فوزكم وفلاحكم في الدنيا والآخرة)، فللقرآن طرفان: طرفٌ بيد الله لا يمكن أن يزيغ، لا يمكن أن يُحرَّف، لا يمكن أن يضل، وطرف بأيديكم إن تمسكتم به فلن تضلوا أبدا.
وما أحوجنا اليوم إلى القرآن، أن نعكف على قراءة القرآن وعلى تدبر آياته، وعلى فهم معانيه ومراميه و أبعاده، وعلى قراءة تفسيره، والعمل بمقتضاه، فإنه مفزع لنا ومطلبٌ ، إنه ينور قلوبنا كما ينور عقولنا، وما أحوج الناس اليوم إلى تنوير القلوب. فبعض العقول تعتزُّبرؤيتها بعيداً عن نور القلب، أي: بعيداً عن الإيمان، ما أحوجنا إلى أن ننوِّر قلوبنا بالقرآن، لماذا عزفنا عن قراءة القرآن أيها الإخوة؟ وهجرنا القرآن واستبدلنا به القنوات الفضائية، واستبدلنا به الشبكة العنكبوتية، و أصبحنا نرى أن مصدر معلومات الناس، أو مصدر تشويههم إنما يكون من هذه القنوات ومن هذه الشبكة العنكبوتية التي تشوش الناس كثيراً.
لماذا هجرنا القرآن؟ و هو طبُّ القلوب، دواءُ القلوب، وراحةُ القلوب.. ولماذا ابتعدنا عن قول الله سُبْحَانهُ وتَعَالى.
أَيُّها الإخْوَةُ: لنكن واقعين، لنكن صريحين مع أنفسنا، فالإنسان عندما يذكر كلمة "اللـه" بينه وبين نفسه فيقول "اللــــه"، يحد راحة نفسية وطمأنينة قلبية تسيطر عليه، لمجرد كلمة "اللـه" أن تذكر وتكرر كلمة "اللــه"
فما بالنا إذا كنت نقرأ كلام الله؟ إذا كنا نعيش مع الله، إذا كنا نخشع لذكر كلام الله سبحانه وتعالى.
 فلنُقْبل على كتاب الله، ولنتفهَّمْ معانيه، ولنتدبَّر مراميه فإن فيها علاجاً لأزماتنا النفسية والروحية والاجتماعية. لنقبل على القرآن الكريم، ولنجد فيه الملاذ، فعندما تشتد علينا الخطوب والحروب ليس لنا من مفزعٍ نفزع إليه إلا كتاب الله سُبْحَانهُ وتَعَالى.
الأمر الثاني: عندما تواجهنا الخطوب علينا أن نواجهها بـ ( الرفق والتؤدة ) .
جاء عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتُؤَدَة"، أي: عليكم بالأناة والبعد عن العجلة، قال: "فعليكم بالتُؤَدة فإنك أَن تكون تابعاً في الخير، خيرٌ من أن تكون رأساً في الشر".
عليكم بالتُؤَدة أي اطردوا العجلة، وأبعدوا القرارات المستعجلة من حياتكم، لا تتهوروا، لا تكونوا طائشين، " عليكم بالتُؤَدة، فإنك أَن تكون تابعاً في الخير، خيرٌ من أن تكون رأساً في الشر" رأساً أي: متبوعاً بالشر، ولا يلجأ الإنسان إلى الشر إلا عندما يتخذ قراراً مستعجلاً طائشاً لا يدرس عواقبه، ولا يكون فيه حليماً.. والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أمر السيدة عائشة عليها السلام بالتُؤَدة و الحلم و الرفق.. فعن عائشة رضي الله عنها أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك، قال: وعليكم، فقالت عائشة: السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلاً يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف أو الفحش"، قالت: أولم تسمع ما قالوا ؟ قال: " أولم تسمعي ما قلت! رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم فيَّ ".
رد عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بكلمة واحدة فقال: وعليكم .
"يا عائشة، عليك بالرفق، فما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، وما نُزع من شيءٍ إلا شانه". فعلينا أن نستقبل أمورنا كلها بالرفق والتؤدة، بشيء من التفكير في مستقبلنا، بشيءٍ من التقدير لتصرفاتنا، وأن لا نكون عشوائيين ومتسرعين، حتى لا نقع في الإثم ونكون رأساً للشر، كما حذّر من ذلك سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
الأمر الثالث: وهو من أهم الأمور وهو ثالثة الأثافي في مواجهة الخطوب والكروب:
( لزوم جماعة المسلمين )، أن نلزم الجماعة، فقد جاء في الحديث أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، بل تجتمع على كلمة الحق، فلنجعل قلوبنا متوحدة وآراءنا تنقاد إلى أهل الرأي والحكمة فينا، والله سُبْحَانهُ وتَعَالى يقول في ذمِّ الفرقة: (( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) [الأنعام:159]
هذه التفرقة ههنا و ههنا وهناك لا تنفع، نحتاج إلى توحيد قلوبنا، فإذا توحدت قلوبنا توحدت أهدافنا، وإذا توحدت أهدافنا فإننا - بإذن الله تعالى - نحن الفائزون فيما نتجه إليه من أمور ديننا ودنيانا.
وقد جاء في الحديث عن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله : ((لن تجتمعَ أمّتي على ضلالة، فعليكم بالجماعة، فإنّ يدَ الله على الجماعة)) رواه الطبراني .
الأمر الرابع: ولعل هذا الأمر يتوج الأمور الثلاثة السابقة الذكر( حسنُ الصلة بالله تعالى )  فإذا واجهتنا الخطوب ونحن في حالة شرودٍ عن الله، وحالة بعدٍ عن الله ، في حالة غفلة و لهوٍ ولعب، أليس منا اليوم - ونحن فيما نحن فيه – أليس فينا كثيرٌ من الناس يشردون عن الحق؟ يبتعدون عن منهج الله السوي، عن الصراط المستقيم؟
بلى أَيُّها الإخْوَةُ، هناك كثيرٌ منا من يحتاج إلى مُذكِّر، ومن يحتاج إلى مُنبِّه، ومن يحتاج إلى واعظٍ يدله على الخير.. فعلينا أن نحسن الصلة بالله تعالى في زمن الخطوب، علينا أن نقبل إلى باب الله، إلى كعبتنا، إلى محرابنا، إلى تذللنا بين يدي الله، فنكثرَ من الدعاء، والدعاء سرٌ من الأسرار، به تكشف الكروب وتفرج الهموم، ويقضي الله سُبْحَانهُ وتَعَالى بسر الدعاء القضاءَ الحسن، مما فيه خير الأمة، مما فيه صلاح العباد و تفريج كرب البلاد، والدعاء كما ورد في الحديث هو العبادة، و مخ العبادة، أي أصل العبادة، لأن العبد المؤمن عندما يضرع إلى الله فيرفع يديه إلى السماء، هو موقنٌ أن له رباً يستجيب الدعاء فلذلك يسأله، فلماذا نُعرض عن قبلة الدعاء؟ ولماذا لا نتجه إلى الله؟ ولماذا لا نُكثر من هذه العبادة التي لا تكلفنا كثيراً من الجهد، ولا كثيراً من العنت والمشقة، إنما هي عبادةٌ ميسرةٌ سهلةٌ على كل مؤمن، ويكفي للمؤمن أن يتضرع إلى الله تعالى في آخر الليل، في الزمن الذي يسبق صلاة الفجر بقليل، حيث يتنزل الله سُبْحَانهُ وتَعَالى إلى السماء الدنيا ويقول: هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ حتى يطلع الفجر.. و قال عز وجلّ: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) .
هذه مِنَّةٌ ورحمةٌ من الله تعالى، أن نُحسن الصلة مع ربنا تبارك وتعالى وخاصةً في هذه الأزمات، في هذه الظروف.. فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يُبين فضل العبادة فيها فيقول:  (العبادة في الهرج كهجرة إلي) .
اللهم تقبل منا أعمالنا، وأصلح أحوالنا، وردنا إلى دينك رداً جميلاً، وخذ بأيدينا إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، وألهمنا العمل بكتابك وسنة نبيك،
إنك على كل شيءٍ قدير وبالإجابة جدير..
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم
 فيا فوز المستغفرين
 
 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 6641

 تاريخ النشر: 01/09/2012

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 635

: - عدد زوار اليوم

7400979

: - عدد الزوار الكلي
[ 49 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan