قضايا فكرية في السيرة النبوية (2)
بقلم : أبو الحسن عباس
الجودة
( 2)
قضية الجودة وإن كان الأنسب أن نعبر عنها بـ"قضية الإتقان " فهو أعمّ وأشملُ وأدقُّ من " الجودة " وذلك للحديث الذي أخرجه أبو يعلى والطبراني، وقد صححه الألباني في الصحيحة نظراً لشواهده: " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" .
ولكن لا بأس، وذلك لأجل لفتِ انتباه أبنائنا وشبابنا إلى معنى متعارف الآن بينهم وهو في الحقيقة إسلامي أصيل ! فالسيرة النبوية من أولها لآخرها تشير إلى أهمية الجودة والإتقان ودورها في الأعمال والأفكار . ولا يخلو حَدَث واحد أو حديث منها من ذلك المعنى عندَ المتأمل لها ! فلا مكان في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمعنى آخر قلّّ أو كثرَ - حاشاه بأبي هو وأمي - بل هو صورة الكمال البشري التي تتضمن الإتقان والجودة في أعلى صورة وأبهى جوهر . ويكفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي يعلى شداد بن أوس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " .
وإن هذه القضية من الأهمية بمكان في مجتمعاتنا – هذه الأيام بالخصوص – فقد افتقدنا الجودة وصارت" الفهلوة ! " هي الشعار السائد بين القوم، بل إنها أصبحت ثقافة، يجتني منها الناس أرزاقهم المشكوك فيها ، وأموالهم التي لا بركة فيها أيضا .
و انظروا الآن في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وكيف أنهم انتبهوا مؤخراً إلى هيئة الجودة في الصناعة والتعليم وغيرهما، وهو مبدأ إسلامي أصيل وقديم بقدم الدعوة الإسلامية نفسها . فكلٌّ في موقعه مسئول عن الجودة في عمله وفكره، بل وفي هيئته وسمته.
فالمسلم شامة بين الناس تعرفه من كل تصرف , وتميزه من بين الجموع , وتعرف منتجاته من بين كل المنتجات , وأعماله من بين كل الأعمال واختراعاته كذلك .
التعليقات:
0 |
|
|
مرات
القراءة:
9080 |
|
|
تاريخ
النشر: 02/10/2013 |
|
|
|
|
|
|