::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> كلمة المشرف

 

 

الإسراء و المعراج .. دلائل و بشارات

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان  

ياليلة "المعراج " والإسراء *** وحي الجلال وفتنة الشعراء

الدهر أجمع أنت سر نواله *** وبما أتاك الله ذات رواء

فلك العلا دارت عليه شموسه *** والشمس واحدة من الإنشاء
 
ـ ذكرى الإسراء والمعراج تُوثِّقها سورتان قرآنيتان ( الإسراء و النجم )، وتؤكِّدان حصول هذه الحادثة التاريخية التي رأى بعض العلماء أنها معجزة، وقال البعض الآخر إنها رحلةٌ تكريميةٌ لسيدنا محمد صلَّى الله عليهِ وسلَّم؛ لأن المعجزة هي كلّ أمرٍ خارق للعادة، مقرونٍ بدعوة القوة والتحدي، والرسول صلَّى الله عليهِ وسلَّم لم يتحدَّ قومَه بالإسراء والمعراج، إنما جاءت الإسراء والمعراج رحلةً تكريميةً لمقام سيدنا رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم ولتُؤيِّد كتاب الله، ولتؤكد مواقفه، ولتدعم دعوته وبعثته، فاختار الله تعالى له هذه الرحلة بعد سلسلةٍ متنوعةٍ من الإيذاء والاعتداء التي واجهها نبينا صلَّى الله عليهِ وسلَّم في نفسه وفي دين الله، وفي أصحابه، فلم يترك المشركون من أهل مكة والقبائل العربية الأخرى، ومن آزرهم من المشركين واليهود، لم يتركوا وسيلةً من الوسائل، إلا وحاولوا فيها التعرض إلى رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم بالأذى و محاولات صرفه عن تبليغ رسالته...
ـ في كلام سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الإسراء والمعراج، دلائل وإشارات وبشارات لا تكادُ تحصى، ولا ينبغي أن ننصرف عنها دون أن ننتبه إلى معانيها، ولنقف قليلاً عند قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لخبّاب: ( شكونا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا ؟، قال صلى الله عليه وسلم: " كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون ) رواه البخاري  ..
وفي رواية أحمد قال خباب : ( شكونا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا يا رسول الله ألا تستنصر الله تعالى لنا؟، فجلس محمراً وجهه .. ) ..
إنه أمر الدين، وأمر الإسلام، وفي ذلك دلالةٌ وإشارة، أما الدلالة: فعلى المسلم أن يصبر على كل الظروف التي تواجهه، فقد يتعرضُّ للإيذاء الجسدي كما تعرضَّ رسول الله وأصحابه، وقد يمتحن في نفسه وماله وولده، فما عليه إلا أن يصبر، هذه هي الدلالة..
وأما الإشارة: فإنها إشارةٌ إلى تغير الحال من قول رسول الله عليه السلام: "وليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر.." فهذا الدين الذي يعمل بخفاء، آنذاك؛ إذ استمرت البعثة ثلاث سنوات سراً، ثم جاءت البشارة، وهذه البشارة جاءت في زمن المحنة والضعف وفي زمن الشدائد، ولم تأتِ في زمن الرخاء. قال عليه الصلاة والسلام: "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه".
هذه بشارةٌ تدلنا على أن الدين الإسلامي ممتدٌ نوره في كل البقاع، ولن يُطفأ نورُ هذا الدين أبداً مهما حاول المشركون ومهما اجتهد المبطلون أن يطفؤوا نور هذا الدين فلن يطفؤوه.
إنها دلالةٌ تدل على الصبر في مواجهة الشدائد وعلى الاحتمال في مواجهة المحن، وإشارةٌ إلى تمامِ هذا الدين، والله سبحانه وتعالى يقول: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) [المائدة:3].
ـ هذه هي لغة الإسلام، لغة الخير للآخرين، لغة المحبة لكل الناس، لغة الأمان والاطمئنان، ليس فيها ذعر ولا تخويف ولا ترويع للآمنين والأبرياء، وهذه بيوت الله المساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى جعلهما الله تعالى قبلةً للناس وأمناً، وكل بيوت الله كذلك، بيوت للأمن والأمان وللطمأنينة والخيرية، فالإنسان إذا ضاق صدره في بيته الواسع يأتي إلى المسجد فيشعر بانشراح الصدر، وإذا شعر بسوء بأن أصيب بصدمة نفسية أو نحو ذلك فإنه يأتي المسجد ويتوضأ ويصلي فيعود إليه أمنه وطمأنينته وسكينته.
إلهي .. إليك تتوجه قلوب المحبين .. وببابك تلوذ أفئدة العاشقين .. وعلى أعتابك تنزل مطايا السائلين .. فاجعل لنا من حبك وقربك نصيباً ..
 
 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 4932

 تاريخ النشر: 23/05/2014

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 97

: - عدد زوار اليوم

7807967

: - عدد الزوار الكلي
[ 28 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan