اللغة العربية في يوم عيدها
بقلم : رزان سلوم
عزيزتي اللغة العربية :
يؤسفني أن تصلك رسالتي في يوم عيدك ، في هذا اليوم الذي تتوقعين فيه الهدايا و الزهور وأفخر أنواع العطور، في هذا اليوم الذي ينبري الخطباء فوق منابرهم ليحدثونا عن مآثرك، و يمتطي الأدباء صهوة أقلامهم ليتغزلوا بجمالك ، و يتفنّنوا بذكر محاسنك، ويفيضوا عليك المدح و الثناء و يذكروا تاريخك المجيد يوم كان أبناؤك بررة ، يوم كنت لغة العلم والحضارة و الثقافة ، وكان الروم و الفرس والفرنجة يرغبون في تعلمك و الإلمام بفنونك لتكوني مدخلهم إلى الثقافة واكتساب العلوم لكن أين جعلك بناؤك اليوم ؟ يوم عكّروا صفو بيانك بالعجمة فانحدروا إلى الحضيض بعد أن كانوا في القمة ؟!!
سـل المعاني عنـا إنـنا عـرب شعارنا الـمجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظ إن نطـقت به فالشرق والضاد والإسـلام معناه
استرشد الغرب بالماضي فأرشده ونـحن كان لنا ماض نـسيناه
عزيزتي اللغة العربية :
ليهنك أن لك أبناء ينتسبون إليك، ويعيشون في حماك، وقد أقسموا بكل عظيم أن يحتفلوا بعيدك كل عام، وأن يشيدوا بفضائلك ومآثرك أمام الناس، وأن يؤسسوا لك الجمعيات والمؤسسات التي تكفل إحياء الاحتفال بذكراك سنوياً.
وهنيئاً لنا معشر العرب فقد أصبحنا نعيش في بلادنا التي يصدق فيها قول الشاعر:
ولكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسانِ
و إلاّ أي مؤسسة تشترط لقبول موظفيها أن يتقن اللغة العربية و فنونها ؟ و أي مدرسة تشترط على مدرّسيها أن يتحدثوا بلغة عربية فصيحة في جميع المواد ؟
بل إننا نرى أن اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في بلادنا العربية فالفنادق و المطاعم و المؤسسات و المراكز التجارية حتى أماكن اللعب و اللهو تتخذ من اللغة الإنجليزية لغة تواصل بين مرتاديها ، و ربما يمكث بعض الغربيين في هذه البلاد العربية ثلاثين عاماً أو أكثر ، لا يشعرون بحاجتهم إلى تعلم اللغة العربية ، و لا حتى بعض مفرداتها التي تستخدم في المجاملات مثل: السلام عليكم ، و أهلاً و سهلاً ، و شكراً ، و كيف حالك...
و ما ذاك إلا لأنهم يشعرون أنهم يعيشون في بلادهم ، و أبناء العرب يتكلمون بلغتهم ، و يجاملونهم بلسانهم ، و يفرح أحدنا حين يشعر أنه استطاع أن يجاريهم في كلامهم و رطانتهم ...
و في الوقت نفسه يستحيل أن تجد شخصاً يعيش في لندن أو واشنطن مدة عام أو أقل دون أن يكون قادراً على التفاهم مع الناس من حوله باللغة الإنجليزية ..
ويح العروبـة كان الكون مسرحَها فأصبحت تتوارى في زواياه
ويح العروبة عقّها أبناؤها فعاملوها كما تعامل الأم العجوز في بلاد الغرب ، تُلقى في مأوى للعجزة فإذا جاء عيد الأم زاروها و أكرموها و تفننوا بألوان البر و الإحسان ، فإذا غابت شمس اليوم غاب برّهم و إحسانهم
القارىء الكريم : هل نحن حقاً بررة في حق لغتنا ؟ و هل قامت مؤسساتنا و مجامعنا اللغوية بدورها في رعاية اللغة ؟ و هل قدمنا - نحن أبناء العربية - مشاريع عملية للحفاظ على ما بقي لهذه اللغة الكريمة من مكانة ؟
شاركونا آراءكم و اقتراحاتكم للنهوض بمستوى لغتنا العربية على ساحة الواقع .
التعليقات:
8 |
|
|
مرات
القراءة:
6335 |
|
|
تاريخ
النشر: 21/02/2011 |
|
|
|
|
|
|