لمن الغلبة .. للتقوى أم للأقوى ؟
بقلم : نور محمد فتحي السرايجي
أمانٌ اطمئنانٌ راحةٌ فرحةٌ بسمةٌ هو جلّ المبتغى ..
حلّقي يا حروفُ وأزمعي أمرك يا نفوسُ . واطلبي الهناء و السّرور فالخطب عظيم و الألم مرير .
بتنا و أمسينا و أضحينا و أصبحنا نهلوس بشيءٍ ليس باليسير .
انقلبت الموازين رأسًا على عقب ، حتى غدت الحواضر مواض ٍ .
حضور ٌو شهودٌ هو ما نحن في حالته المغيّبةِ عن كلّ شيء .
يعترينا الضّغف و الجمود من ترّهات عدم معرفة ِ ما يجري بنا..
حتّى الصمت تراه أصمَّ أبكمَ ..
لم َ أضحى على هذه الشاكلة ... فيه ما فيه من معاني الموت ؟؟
يضمّ في أركانه فنونا ً من القهر و الأسى على عالم ٍ لن نعيشه إلا مرّة واحدة فحسب .
اليوم سأحكي حكاية امتزاج الماضي و الحاضر و غرابتهما .
امتدّا حتى و صلا إلى نقطة عدم الالتقاء .
من هما ؟ إنهما الحبّ و الحرب .. بكلّ شيء فيهما ؛ فمع جريان الأزمان و منذ سابق العصور و بشهادة الأكوان وبتعاقب الأجيال ؛ نجدهما توءمين لا ينفكّان و لا يفتران ..
لسبب واحد و هو أنّ حظوظ النّفس ستبقى هي المسيطرة .
فما بالك بما يهيمن على الذات و الناس أجمعين ..!!
عجيب حالهما والأعجب تناقض مضمونهما فكيف للمتغايرين أن يجتمعا .
كيف للمشرقين أن يتّحدا ، بل كيف للمتناقضين أن يمتزجا .
جامعهما واحد وهو المباغتة و الهيمنة و السيطرة .
حتى إن الرّمز لَيفرضُ نفسه عليهما لتلوح لك العوالم بسرعة
و أنت تسترق السمع و تدري و لا تدري ...
تشعر بالوعي ...و أنت في سرادقات اللاوعي ..
حتى الحروف لتناغم بعضها بعضا ً و تشكل جرسًا موسيقيًّا أخّاذا ً يطرب ويؤلم ، بيد أنّ المختلف بينهما هو تلك الواسطة المعنيّة بتغاير حرف بينهما .. تلك التي تربّت على كتف كلّ واحد ٍ منهما مخفّفةً
آسرةً حزينةً و اعيةً ...
وهنا تكمن في سويداء حياتك بوارقُ من أسرار العزوف عما هو فانٍ لسبب بسيط وهو تجلّي المصائب ..و رقود الملهمات ..
وأما الاعتدال فهو ذاك الذي ما ننفك نبحث عنه فما إن نلوذ بشيء منه حتى يفرّ على الفور و كأنّ يدا ً جبّارة ً صبّت عليه شيئا ً منها و من غطرستها ؛ لتبقى تناجي و تبوح بسرّ الحاجة الدائمة إلى إمعان ٍ و إذعان ٍ لوجود ما هو غير موجود ، و من ثمّ الرّضوخ إلى حتميّة الإعداد الشخصيّ لتصدّي كل ما تواجهه بعوامل عديدة لسنا بصددها .
وفي خضمّ الأزمة و ازدياد اللّوعة والتمسّك بباب الحسرة نجد الناس في المعترك يخوضون و لا يفترون و هم يأخذون بكلّ الأسباب عدا أهمّ سبب وهو استحواذ الداخل ذاك الذي يهيمن على المرء فيعرّفه و يتعرّف به.. الذي به السرّ كله .ذاك المتضامن مع الرّوح ، المتآخي مع المضمون، المتحد مع بواعث المدفون ...
أجل .. ما ملكه إنسان إلا ملك ذاته ، وهو ما ملك شخصا ً إلا ملكه و فاض عليه منه بأشياء و أشياء حتى يغدو باب الغدق هو المقصد ..
مجرّد إحداثياته يعني المنعة ، وصدى صوته يفضي حتمًا إلى الغلبة .
ماهذا الشيء الذي أقصده إذن..؟
ليس بكلمة فحسب ...
ولا بنبض يؤدي إلى الحبّ ...
ولا بنفَس استرقناه من هذا العبء ...
بل هو حجاب تقي به نفسك و تطهّر به قلبك و يصفو به فكرك.
إنّه كلمة ليست ككلّ الكلمات ...
هي تلك " التقوى " المعنيّة بالأمر كلّه ...
إنّها الواسطة بين الأمرين في جوّ عبق بالدم ...دم لاح و بطن...
سرى و اختبأ ..
تحرّك حتى خجل فاستتر أو أريق فانهمر ...
فما أنت أيتها الرائعة ...؟ ؟
أأنت جوهرة من الأخلاق أم عقد من قلائد الأحجار أم قصيدة من عبق الأفكار أم جرم في هذه الأكوان ...؟
أنت أعظم لأنك إذا أفلت أفل العالم منك ...
وإذا أنرت أضاء الكون بك..
أغنية الحياة ترددت بلبوس حلو مرّ ألا وإنه إذا غابت التقوى فالغلبة للأقوى ..
لذا بما أن سرّ الحياة يكمن بك فلتجودي علينا بخيراتك ...
و ليسعك ذاك الإنسان رغم جهله .. و أستميحه عذرا ً منك
فهو متيّم بك وإن أظهر الخلاف ...
لأنه يعي حقيقتك ... و يتدبّر جوهرك ..
نطمح إلى القوّة الحقيقية ...القوّة الضمنية...
لأنّ بها النصر و النصر منها .
التعليقات:
8 |
|
|
مرات
القراءة:
5866 |
|
|
تاريخ
النشر: 20/03/2013 |
|
|
|
|
|
|