wwww.risalaty.net


إلى الله.. أنر قلبك بحب ربك..


بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان

 

 

 

كتاب ((إلى اللـــه.. أنِر قلبك بحبِّ ربِّك))..

? تأليف: الشيخ محمد خير الطرشان

دراسة للكتاب بقلم: إدارة التحرير

 

 

الأمة المسبِّحة بحمد الله سبحانه

يجب أن تكون مالكةً لزمام الأرض،

سيدةً على مرافق الحياة المختلفة

"الإمام الغزالي"

 

 

 

 

 

ما أصفاه من روح، ذاك الذي حلق في سماء روائع أفكار الحب الإلهي لينال من صفائها نبل الخلق، وطهارة الضمير، وصفاء السريرة، ويعرج إلى حب الله بسرعة البرق من خلال عبارات تحول قلوب قارئيها إلى قلوب نابضة بالعشق الإلهي.. وروعة ذكره.. وجمال عبادته.. وحلاوة الإيمان به.. تلك الحلاوة التي ذكرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((ثلاث من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله كما يكره أن يلقى في النار)). [رواه البخاري].

جال الشيخ محمد خير الطرشان في ميدان الروح، وسلك طريق الصفاء، فاختار من جولته تلك أروع الأقوال الصوفية، وأجمل عبارات أهل القلوب، سمع أنَّات القلوب، ودموع الواجدين، وضراعات التوابين على أعتاب مجيب الدعاء وسامع النداء وقابل التوب الرحمن الرحيم، فغدا قلبُهُ غابةَ وجدٍ، ودمعُهُ ينبوع ذكر.. فأفاض علينا مما جمعه ونسقها في كتاب واحد ليتلقَّفه القارئ بقلبه قبل عينه، ويقرأه بصفاء روحه قبل عين عقله، فكانت الكلمة الصادرة من قلب الشيخ الفاضل واصلةً إلى قلب القارئ، حانيةً عليه، مترأفةً بحاله، عالمةً بمدى حاجته إلى الرجوع إلى الله تعالى، ومرشدةً له إلى الطريق ليكون مع الله، ويسير في الدرب إلى الله..

فكان الكتاب، نبعاً متدفقاً من العواطف والمشاعر، يروي عطش الروح إلى بارئها، ويهديها إلى خالقها، ويريها الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم بنعمته.. ورحمهم برحمته.. وأفاض عليهم من أنوار ربانيته.. وأذهلهم عن أنفسهم بذكره.. وعلمهم كيفية عبادته، عبادةً صحيحة خالية من شوائب أدعياء التصوف الذين حولوه إلى مرتع للبدع والخرافات البعيدة عن روح الدين ومقاصد الشريعة، تلك التي يبرأ منها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تمام البراءة..

 

(إلى الله.. أنر قلبك بحبِّ ربِّك) موسوعة روائع أقوال حكماء الصوفية، كتابٌ صدر عن مركز الناقد الثقافي في دمشق بطبعته الأولى 2010م، هو عبارة عن مختارات من روائع أقوال أهل القلوب والتربية والتصوف..

بدأ الشيخ محمد خير الطرشان كتابه بمقدمةٍ تحدث فيها عن تجواله في رحاب كلمات الحكماء فكان مما قال فيها:

((بالقلم سطّر أرباب القلوب النقية حروفاً لا شرقية ولا غربية، كأن هاروت ينفث فيها سحراً، ليحدث ربي بعد ذلك أمراً.. فمرج الحروف تلتقي، ليقرأها قارئٌ ويرتقي..

فسبحان من أزجى سحاب الفكر ثم ألف بينه لترى ودق المعرفة يخرج من خلاله، فيصبح غيثاً هنيئاً مريئاً يعم البلاد ويروي العباد، هطل على جنة الأرواح فاهتزت وربت وآتت أكلها ضعفين بإذن ربها، وتفجرت عيون وأنهار، فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر، فغسل أدران النفوس، وطهر صدأ القلوب وروى الغليل وشفى العليل، صيباً نافعاً من كلمات نورانية تفرقت في أودية وشعاب، لكنني بفضل الله ألفتُ بينها، فأصبحت بنعمة الله ومنته متآخية، نظمتها في عقد فريد، لأهديها لكم في هذا الكتاب الذي خططته بمداد الحياء، وكتبته بقلم التقصير، وسطرته على ورق الانكسار وطلبت من مولاي العون والمدد ليعين من كُتب عليه الفناء أن يكتب كلمات يشدو بها  إلى من كتب على نفسه البقاء، وإلا.. كيف تكتب أصابع المذنبين عن الغفار الستار؟ كيف يشدو مخلوقٌ من ماء مهين بأوصاف المتفرد بالكبرياء والعظمة؟...

مولاي.. بذلِّ الافتقار إليك، بدمع الانكسار بين يديك، أشدو بكلمات خطَّها أكابر العلماء، رافقتني صباح مساء، بين سطورها الحب والثناء عليك ربي.. رب الأرض والسماء، تتخللها عَبَرات من نور، مكحَّلة باسم العزيز الغفور، تشق الدمع على الخدود، فهي مع صاحب الكرم والجود..

"إلى الله" عنوان يصعد بقارئه  إلى السماء، يُخرجه من الدنيا المظلمة  إلى آفاق الملأ الأعلى، يأخذه من عالم الفناء  إلى عالم البقاء، يحلق به إلى رحاب الملكوت الأعلى..)).

وكان الكتاب.. مختارات وردية من عبارات حكماء الصوفية تلهب القلوب بحب الله وتذهل العقول عن غير الله...

وما بين عناوين رائعة اختارها المؤلف الكريم ليجمع ما اختاره تحتها، كانت عبقة بعطر الجنان وكان منها: (صف وخل لتحلق وتذوق)، (أنر قلبك)، (كن على بصيرة)، (كيف تتعرف على الخالق؟)، (أصناف الخلق)، (وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟)، (أصول الطاعة)، (مفاتيح القرب من الحق)، (البلاء مصقلة النفوس)، (طر على جناحي طائر)، (دردشة لابد منها)، (آفات القلب).. وغيرها..

أدرج المؤلف تحتها عبارات الحكماء، فجمعها وصنفها ورتبها وبوَّبَها، فكان الكتاب موسوعة رائعة من أقوال الصوفية وجميل عباراتهم.. يقول حفظه الله:

((تحليق يشدو بالأرواح  إلى عالم الأفراح، وحروف ترابية تترجمها معانٍ سماوية، تعانق أجزاء الروح، ثم تعتلي السحاب لتعود من جديد مع الأثير  إلى الفؤاد، تعيش فينا كما يعيش الحي في الميت، فسبحان من أخرج الحياة من أقلام الميتين، وسبحان من وفقني لأجمعها من أقلام أصحابها، وأنظمها عقداً فريداً تتلألأ حباته للمتأملين الناظرين..)).

يقع الكتاب في 208 صفحة، من القطع المتوسط، وهو موجود في مركز الناقد الثقافي بدمشق الذي صدر عنه بطبعته الأولى عام 2010م..

ويقول الأستاذ علاء الدين آل رشي المدير الإعلامي لمركز الناقد الثقافي عن الكتاب:

"الدين للإنسان كالماء للسمكة، وكلما صفا العالم الجواني البشري اكتسى الخارج بنقاء وخضار، وشيخنا الفاضل سماحة الأستاذ محمد خير الطرشان في "إلى اللــه" يمنح القارئ مساحة تنفس وحالة حب وارتقاء داخلي، يتغيا منه سلامة السلوك، وجمال الجوهر، لكل محب عاشق مولع بذكر الله سبحانه وتعالى..

وقد جال وصال شيخنا الباسم الإنسان في كتب التراث، وعاين والتقى وانتقى، وقدم زبداً من أقوال حكماء التصوف التي تنشد وترشد المسلم  إلى علو الفهم، ونسيم الروح، ونعيم الحياة".. [من غلاف الكتاب].