wwww.risalaty.net


أمّ تضرب أطفالها !!


بقلم : د . سلوى البهكلي

خطأ كبير ربما ترتكبه الأم في حق أطفالها وفي حق نفسها عندما لا تعتمد سوى الضرب طريقة لتربية أطفالها , مع أنها قد لا تعي أولا تدرك مقدار هذا الخطأ. وقد تظن أنها تربي وتهذب وتصلح في حين أنها تهدم وتفسد وتنشئ أجيالا لا حول لهم ولا قوة.. أجيال مثقلة أو مشبعة باضطرابات في الشخصية والأمراض النفسية المختلفة وغيرها.. وبذلك تكون هي الجانية الأولى على فلذات أكبادها دون أن تشعر.

 

هذه المشكلة ليست بسيطة بحال وإياك - أخي القارىء - أن تعتقد انه يمكن حلها عبر هذه السطور، فالمسألة شائكة ومتشعبة ولا تحل في الغالب بين عشية وضحاها.

 

فالقضية ليست في ضرب الأولاد فقط، فلا بد أن هناك أبعادا أخرى لهذه المشكلة قد لا ندركها حميعا..

فقد تكون الأم في بعض الأحيان هي من تعاني من اضطرابات أو مشاكل نفسية وهذا ما ينعكس في تربيتها لأطفالها دون أن تدري... فإن كان الأمر كذلك فإنه سيحتاج إلى جهد مضاعف والى تفهم أعمق للأسباب الحقيقية التي تكمن وراء ضرب الأم لأولادها والقسوة عليهم وبالتالي قد تحتاج هي نفسها إلى علاج وتوجيه مع الكثير والكثير من الصبر والمؤازرة.

 فالقضية ليست في ضرب الأولاد فقط، فلا بد أن هناك أبعادا أخرى لهذه المشكلة قد لا ندركها حميعا..

 فالأمر إذن ليس بالسهولة التي التي يمكن أن نتصورها..فرب البيت يلعب دور المراقٍب المنتقد.. وهذا من أسهل الأدوار التي يمكن أن نتقمصها.! ولكن عندما يكون هو المسئول أو المراقَب ستختلف نظرته للأمر وطريقة تصرفه بالتأكيد.

 

وهذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي أو نستسلم للأمر..! بالطبع لا.. بل علينا أن نحاول ونسعى إلى الحل والإصلاح مهما بلغت صعوبة الأمر للوصول إلى ما نتمناه ونسعى إليه قدر الإمكان.

ونحن ههنا نحاول أن نقدم عدة نصائح ومراجعات نراها مهمة جدا لعلاج تلك الأزمة :

 

1- بداية علينا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذه المعاملة، هل الأم هي السبب أو الأطفال أو كلاهما معا لأن هذه المشكلة وتبعاتها ليست بالبساطة التي يظنها البعض، فهي تحتاج إلى تفهم أعمق للأسباب الحقيقية التي أدت إليها لنتمكن من حلها ومداواتها.

 

2- علينا أن نتذكر ونراجع تاريخ طفولة تلك الأم بدقة.. لنكشف من خلاله عن أية معاناة لها اثناء طفولتها؟ .... ما هي علاقتها بوالديها؟ ونراجع تاريخ نشأتها وزواجها.... ما هي علاقتها بزوجها؟

 ما هي الظروف التي نشأت فيها سواء في فترة الطفولة أو مرحلة المراهقة أو بعد الزواج؟ .... ما هي الضغوط التي تتعرض لها الآن؟

ثم نبحث فيه عن المسببات التي تجعلها تضرب أولادها دائما.. في كل صغيرة وكبيرة؟

هل هم مشاكسون أو مزعجون فعلا!!.. وإن كانوا كذلك فما السبب؟؟

هل هم يتعرضون لضغوط نفسية تضطرهم إلى التعبير والتنفيس عما بداخلهم من ثورة عن طريق المشاغبة والعناد والمشاكسة؟؟ .. هل ما يقومون به هو نوع من لفت النظر!! ولماذا؟؟

 

4- علينا أن تتأكد كذلك من عدة أمور من أهمها ما هو مستوى تفكير تلك الأم.. وطموحاتها.. ووعيها .. وما هي درجة تقبلها للنصيحة أو التوجيه؟

وعندما نحصل على أجوبة هذه الأمور سندرك من هو سبب المشكلة..!! فربما تكون المشكلة في الأم نفسها إما لقلة خبرتها في كيفية التعامل مع الآخرين وخاصة الأطفال أو لأنها لا تستمتع بإحساس الأمومة ولديها توقعات اكبر من قدرات أطفالها وتعتقد أن القسوة هي أفضل الطرق لتربية الطفل والسيطرة عليه. أو لأنها تخاف من فقدان السيطرة على أطفالها فتستخدم هذا الأسلوب معهم لا قسوة عليهم ولكن خوفا من الفشل.

 

علينا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذه المعاملة، هل الأم هي السبب أو الأطفال أو كلاما معا.

  

5- فإذا وجدنا أن تلك الأم قد تعرضت للعنف الأسري أو الإهمال في طفولتها فغالبا ما سيكون هذا هو السبب في معاملتها القاسية لأطفالها. وكذلك الحال إذا كانت تعامل كزوجة مضطهدة في المنزل، فسيؤثر كل ذلك عليها دون أن تدري وستعامل أطفالها بالمثل وتعتدي عليهم بالضرب دون أن تدرك أن ما تفعله ليس بسبب ذنب اقترفوه ولكن هي عقد نشأت لديها بسبب حياتها القاسية أو التفكك الأسري الذي كانت تعيش فيه. لذا سيكون من الضروري البدء بها هي وعلاجها لتتخلص هي من هذه العقد التي أثرت عليها في طريقة التربية وقد يستدعي الأمر عرضها على أخصائي.

 

6- علينا أولا أن ندرس الحالة من جميع جوانبها، ثم ندرس شخصية كل من الأم وأطفالها وما هي مداخلهم وكيفية التأثير على كل منهم.. ثم ندرس الظروف المحيطة بالأسرة.. وما الذي يمكننا أن تقدمه لهم ليحد من هذه المعاملة..... و غير ذلك كثير.

 

7- علينا أيضا عندما ندرس الحالة أن نبدأ بأنفسنا أولا.. نسأل أنفسنا ماالذي يمكننا أن نقدمه لهم لنساعدهم ونخلصهم من هذا العنف الأسري التي يعيشونه ليهنأ كل منهم بحياة مستقرة تكون طريقه بإذن الله لمستقبل أفضل.

 

 

 

 

8- لنحاول أن نكتشف ما هي أهم الأشياء التي تثير غضب الأم على أولادها وتضطرها إلى ضربهم! نحاول أن نجد الحلول أو المقترحات المناسبة لكل مشكلة أو مسبب.. لا ننسى اننا بحاجة إلى الصبر والمثابرة... لذا ينبغي أن نحتسب الأجر من الله في كل ما نفعله , فالرحلة إلى الإصلاح قد تكون طويلة .

 

9- إذا عزمنا على التحدث مع الأم ، فيجب أن نعي أنها ستدافع عن نفسها وعن أفكارها بضراوة.. لذا يجب ألا نندفع معها بشكل عاطفي بل نفكّر بدلا من ذلك في التحدث معها بكل موضوعية .. نشرح لها وجهة النظر ونحدثها عن مخاوفنا بطريقة ودية وبدون عصبية. ..ننصت لما تقوله بروية وإمعان بل أقول لمن يحادثها : أرغم نفسك على الإنصات والهدوء مهما استفزتك بكلماتها أو تصرفاتها و تذكر أن نتيجة هذا النقاش برمته ستكون في صالح الأطفال بغض النظر عن الطريقة التي يتحدث بها الطرف الآخر... ولا تدع الهدف الذي تسعى إليه يغيب عن عينيك.. وتذكر انك لا تريد أن تكسب النقاش فقط ولكنك تريد توفير بيئة آمنة ومستقرة للأطفال.. وتذكر انك لا تريد تصعيد الموقف.. لذا ناقش معها هذه القضية وقدم لها البدائل المتاحة للتعامل مع أطفالها بهدوء.

 

 

فرب البيت يلعب دور المراقٍب المنتقد.. وهذا من أسهل الأدوار التي يمكن أن نتقمصها.! ولكن عندما يكون هو المسئول أو المراقَب ستختلف نظرته للأمر !

 

 

 

10 – عند المناقشة مع الأم يجب أن نحاول أن نجد لها المقترحات والحلول البديلة القابلة للتطبيق.. و أن نخاطبها بنفس طريقة تفكيرها.. فإن كانت منطقية خاطبناها بالمنطق! وان كانت من النوع الحساس المشاعري فنخاطبها بالمشاعر والأحاسيس .. ونستخدم معها العبارات التي يمكن من خلالها أن نهز مشاعرها وتوقظ الأم الحنون التي بداخلها..

أما إن كانت من النوع التنفيذي الصارم فيمكنك أن نخاطبها بالمنطق ونضع لها الخطوات المناسبة التي يجب أن تتبعها في تربيتها لأطفالها.

 المصدر : موقع المسلم