wwww.risalaty.net


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..


بقلم : الدكتور محمد حسان الطيان

 

كتاب ((العربيــة.. وطرائق اكتسابها))..
? تأليف: د. محمد حسان الطيان
دراسة للكتاب بقلم: إدارة التحرير
 
 
العربيَّةُ التي أحيتنا بعد طول موات.. وأيقظتنا بعد طول سبات..
ووهبتنا ما لم تهبه لغةٌ لأهلها حين نزل الذِّكر الحكيم بلسانها..
ألا تستحقُّ منا أن نردَّ لها التحية، وأن نحفظ لها الودَّ والوفاء!
 
بهذه الكلمات الرائعة يبدأ الدكتور (محمد حسان الطيان) كتابه الجديد: (العربية وطرائق اكتسابها).. الذي صدر عن منتدى النهضة والتواصل الحضاري..
فما أحلاها من لغة يُكتب عنها، وما أجمله لسان نطق به وبحروفه أجمل العبارات..
إنها اللغة العربية، لغة القرآن، لغة أهل الجنة، اللغة التي اصطفاها الله ليجعلها لغة الرسالة الخاتمة التي ختم بها الشرائع السماوية إذ أرسل سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بها، باللغة العربية، لغة البيان والفصاحة.. لغة الجمال والسحر..
يبدأ الدكتور محمد حسان الطيان كتابه بمقدمة رائعة عن اللغة العربية وأهميتها فيبدأ بقوله:
[إن اللغة ليست مجرد رموز أو مواصفات فنية، بل هي أسلوب تفكير ونمط بناء وتثقيف للشخصية الإنسانية، وبقدر ما تكون اللغة دقيقة يكون الفكر دقيقاً والرأي صائباً، فالإنسان عندما يفكر لا يستطيع ذلك إلا إذا وجد مخرجاً لكل فكرة بعبارة يقولها أو يكتبها، وما لم تتحول الفكرة إلى لغة فإنها تموت، ومن هنا فإن زيادة الثروة اللغوية يؤدي إلى زيادة الثروة الفكرية، ومن هنا أيضا كان الخلل في اللغة خللاً في التفكير كما قال الفيلسوف زكي نجيب محمود : "إذا دبّ خلل في اللغة دبّ خلل في التفكير" ذلك أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة جدلية أزلية فلا فكر دون لغة ولا لغة دون فكر.]
 
فاللغة العربية لها أهميتها الكبيرة في بناء التفكير، ذلك أن اللغة هي وعاء الفكرة لا تصدر إلا عبرها، ولا يمكن للعربي أن يعبر عن نفسه إلا من خلال عباراتها وحروفها، فلماذا نرى هذا الإهمال الكبير لها في أيامنا الحاضرة، ولماذا لم يعد لها دورها المهم؟
خصوصاً وأنها لغة القرآن، حيث بات من الضروري أن نهتم بها لأن العناية بها والحفاظ عليها بات من الواجبات الدينية من باب ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب.. يقول الدكتور حسان الطيان:
[والعربية شعيرة من شعائر الله جل في علاه، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، وهي إلى هذا الرباط المقدس المتين الذي يشد بعض أبنائها إلى بعض، ويصل مشرق هذه الأمة بمغربها، وحاضرها بماضيها ومستقبلها، وهي هوية الأمة.. ووعاء فكرها.. ووسيلة تواصلها.. وأداة المعرفة فيها.]
لكن العربية ليست لغة شعب أو إقليم، بل هي لغة الأمة الإسلامية، لغة جميع المسلمين.. عليهم جميعاً أن يولوها اهتمامهم وعنايتهم، فيقول:
[وليست العربية لغة إقليمية تخص بلداً معيناً أو شعباً مخصصاً، بل هي لغة الأمة كل الأمة، ولست أعني الأمة العربية فحسب بل الأمة الإسلامية أجمع لأنها لغة القرآن الكريم.
ومن هنا كان لزاما على كل عربي صادق في ولائه، بل على كل مسلم ملتزم بإيمانه، أن يرعى هذه اللغة حق الرعاية، وأن يحفظها ويعنى بها حق الحفظ والعناية].
 
يبدأ الكتاب قسمه الأول بمقالات في أهمية اللغة العربية ومنزلتها كتبها الدكتور محمد حسان الطيان في مناسبات عدة، كل مقالة منها تحمل في حروفها وعباراتها أجمل المعاني حول أهمية لغتنا، ومن عناوين هذه المقالات:
ـ العربية بين ماض زاهر...وحاضر عاثر..
ـ العربية لغة العلم..
ـ سـعة العربية .. وضيق شانئيها..
ـ التعريب وأثره في الحضارة العربية الإسلامية..
أما القسم الثاني للكتاب فهو عن طرائق اكتساب العربية، فيرمي هذا المبحث إلى معالجة ضعف العربية لدى الكثرة الكاثرة من الناطقين بها، معتمدًا نظرية ابن خلدون في اكتساب اللغة وعدِّها ملكة صناعية، ونظرية تشومسكي في القدرة الفطرية لتعلم اللغة.
وهو يقترح خطة لاكتساب العربية يدلل عليها بتجارب ناجحة (قديمة وحديثة) وتتلخص هذه الخطة بالبنود الآتية:
1.   تنشئة الطفل على سماع الكلام الفصيح.
2.   قراءة النصوص الفصيحة وحفظها.
3.   تعلم مبادئ النحو الوظيفي والبلاغة.
4.   تعلم مبادئ التجويد والقراءة الصحيحة.
5.   مزاولة الفصاحة قراءة وكتابة وكلامًا
6.   أثر وسائل الإعلام في اكتساب هذه الملكة.
 
ومن أهم ما ورد في هذا الكتاب الخطوة الأخيرة في الخطة المقترحة، وهي: "أثر وسائل الإعلام في اكتساب هذه الملكة"، ذلك أن للإعلام دوره المهم جداً في اللغة وفي صناعة الجيل، فالجيل الجديد بات يأخذ ثقافته وعباراته ولغته من وسائل الإعلام، والإعلام الحالي بات مليئاً بظواهر سلبية شديدة على اللغة العربية، كشيوع العامية في كثير من البرامج، وفشو المفردات الأجنبية في ثنايا الخطاب الموجه إلى المتلقي العربي، وهذه الظواهر لها خطورة شديدة على اللغة العربية بين أبناء الجيل الجديد، فنرى الدكتور حسان الطيان يتحدث عنها ويبين خطرها، ويبين سبل الارتقاء بلغة الإعلام عن طريق العديد من الوسائل، كانتقاء المذيعين ومقدمي البرامج، وضرورة إخضاعهم لدورات لغوية تأهيلية، وتطوير إمكاناتهم اللغوية باستمرار، وفي نهاية هذا المبحث يبين سبل خدمة وسائل الإعلام للغة العربية عبر العديد من الأمور مثل: الإكثار من المسلسلات التي تعتمد العربية الفصيحة لغةً للحوار فيها، وإعداد برامج لتحبيب العربية ونشر لطائفها الأدبية...
 
ينتهي الكتاب بهذه الخطة المقترحة لطرائق اكتساب اللغة العربية والاعتناء بها، ويضع تحت كل عنوان من عناوينها نماذج وأمثلة تكشف لنا كيفية ووسائل اتباع هذه الطريقة في الخطة المقترحة تلك.. وتحت كل عنوان نرى مقالة رائعة، ونتفاً شعرية مختارة، تعزز لنا أهمية اتباع هذه الخطوات المهمة...
ينهي الدكتور حسان الطيان كتابه الرائع بخاتمة صغيرة يبين لنا فيها أهمية هذه الخطوات المتكاملة فيقول فيها:
[إن ما عرضته من خطة لاكتساب ملكة اللغة والفصاحة يؤلف في ظني خطوات متكاملة، وليس ذلك بمانع من أن يأخذ الطالب بما يتيسر له من هذه الخطوات ففي كل منها فائدة جلية ونفع على حدة، ولكن الوضع الأمثل إنما يكون بالأخذ بها جميعًا، وإني لأتطلع من خلال نشر هذا البحث إلى إغناء هذه الخطة ورفدها بسديد آراء الأساتذة علماء التربية الأجلاء لتغدو أقدر على مواجهة ما صار إليه أمر العربية من تردٍّ وهوان.]..
 
ما أروعه من كتاب.. يدور موضوعه حول جمال البيان العربي وسحره لغتنا... وما أجملها من صفحات تبدأ بأولها فلا تملُّ ولا تشعر بنفسك إلا في آخرها.. وقد استفدتَ من أفكارها، واستمتعتَ بجمال عباراتها، وحلقتَ مع ما اختاره الدكتور الطيان فيها من جمال وسحر العبارات والكلمات واللطائف الشعرية..