wwww.risalaty.net


رسالة إلى كل مسلمة تحب العفاف والطهر .. الحجاب ... حصنُكِ الحصين


بقلم : المحبة لله

وِقفة .. وَدَعْوَة إلى العِفة ( حِصْنـُكِ الحَصِيْن .. الحِجَاب )

المُحِبَّة لله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

رسالة أوجّها إلى كلّ مسلمة ، تحبّ العفاف والطّهر ، وتحبّ أن تكون من السّابقين الأوّلين ، وتتمنّى القبول والرّضى من ربّ العالمين ، عليك بالحجاب .. فهو لك الحصن الحصين .

ولكن .. هل تعرفين أيَّ حجاب أقصد ؟

بداية .. أحبّ أن أتوجّه إليكِ بكلمات ، وبالطّبع كلامي موجّه إلى الأخوات المحجّبات جزئيّاً – غطاء الرّأس فقط - : ربّما الكثير من الفتيات سيهاجمن الأفكار الّتي سأطرحها بعد قليل ، وسيقلن : لماذا كلّ هذا التّشدّد والتّعصّب والتّزمّت ؟ وما الدّاعي لكلّ هذا الكلام ؟ وما المشكلة في كشف الوجه ؟ ... لكن أنا مصرّة على طرح فكرة الحجاب بأبرز أشكال الحشمة ، وأبلغ مظاهر الستر .

لن أتحدّث عن الأدلّة الفقهيّة المثبتة لفرضيّة الحجاب .. إن أردت الحديث عنها ، والتّفصيل فيها ؛ فلديّ الكثير من الأدلّة الواضحة والصّارخة بوجوب ستر الوجه ، منها ما هو مشروح في أسمى التّفاسير الّتي لا شكّ فيها ، ومنها ما هو موجود في الصّحيحين ، ويُبدي بكلمات واضحة وجوب ستر الوجه ؛ من خلال الأحاديث ومواقف مرّت بها الصّحابيّات الكريمات .

لكن أختي الكريمة : لن أخوض في هذه الأدلّة ، وما فيها من تفاصيل ، وأترك الحديث فيها للعلماء والمفتين ، سأتكلّم الآن عن الحجاب من ناحية منطقيّة فقط .

أختي العفيفة : أنا أحكي وجهة نظر ، مستمدّة من واقع مُعاش ومجرّب ، وكلّ قصدي وغايتي الحرص على عفّة النّساء والفتيات ، والرّغبة في حمايتهنّ من الذئاب البشريّة الّتي لم تقتصر على التّحرّش بصاحبات اللّباس الضّيّق والدّاعي للفتنة والتّحرّش ، بل التفتت أيضاً لمضايقة المتسترة بلباسها والكاشفة فقط وجهها ، ولن أحاول إقناعكِ أختي ، فأنتِ أدرى بذلك . ولا ريب .. تتعرّضين كلّ يوم على الأقلّ لنظرات دنيئة لا ترحم ، هذا معلوم لديكِ . وأقصد أيضاً الحرص على حماية الشّباب من مظاهر الفتنة ، الشّباب الّذي آل اليوم إلى حال يتقطّع لها نياط القلب ، جلّ هذا بسبب المرأة وفتنتها .

إنّ هذه الكلمة – الحجاب – إذا ذكرها من عاش في عصر حبيبنا المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ؛ فسيفهم السّامع منها معنى ، وإذا ذكرها من يعيش في عصرنا ؛ فالسّامع على الأغلب يفهم منها معنىً آخر ، ولكن كلّ ما أقصده بالتّأكيد هو المعنى الّذي فهمه صحابة رسول الله ، عليه أزكى الصّلاة ، وهو أن تحتجب المرأة عن الأجنبيّ بشكل كامل ، ويشمل ذلك وجهها . ولكن مع الأسف ؛ بات لهذه الكلمة في عصرنا معنىً مغاير تماماً لهذا المعنى ، فهمه البعض على أنّه غطاء الرّأس مع الاحتشام ، وفهمه الآخر على أنّه مجرّد ستر جزئيّ ، دون مراعاة الاحتشام ، وفهمته القلّة القليلة على أنّه ستر كامل لبدن المرأة ؛ بما فيه وجهها ، وصدق من قال : " لو فهم الصّحابة الكرام الإسلام كما فهمناه نحن اليوم ؛ ما خرج من حدود مكّة " .

لا شكّ أنّكِ تعلمين الاختلاف الحاصل بين العلماء على هذه المسألة رغم وضوحها ، فبعضهم يقول : ستر الوجه فرض عليكِ ، ويأتي بالأدلّة الشّرعيّة الواضحة من القرآن الكريم ، والسّنّة النّبويّة المطهّرة ، ويشرحها لكِ مقنعاً إيّاكِ بفرضية الحجاب ، وبعضهم يقول : لا شيء عليكِ إن كشفت وجهكِ مع استحسان ستره ، والسّتر أولى ، وبعضهم يقول : إن أمِنَت الفتنة بكلّ ما في هذا الأمن من معنى ؛ فاكشفي وجهكِ ، وبعضهم يقول : سترُكِ وجهَكِ ليس فرضاً ، بل على العكس ، الأفضل والأحسن أن تكشفيه حتّى يعرف النّاظر أنّكِ عفيفة فلا يؤذيكِ !!! ويجد بعد مشقّة بعض الأدلّة المقصود بها وجه ما ، فيفسّرها على الوجه الّذي يحبّ ، مُحاولاً إقناعكِ بعدم فرضيّة الحجاب ..............

أختي المؤمنة : بعد اطّلاعكِ على هذه الآراء المتضاربة ، بالطّبع ستتملّككِ الحيرة ، بأيّة رؤية تأخذين ؟ وأيّة فتوى ستتبعين ؟ شيء محيّر بالفعل !

دعينا أخيّتي من هذه الآراء كلّها ، ولتفكّري بشكل منطقيّ .. ماذا تعني كلمة الحجاب لغةً ؟ بالتّأكيد تعني السّتر ، وتعني حجب شيء عن شيء آخر ، وهل هذا سيتحقّق في حال تغطية الرّأس وكشف الوجه ؟ بالطّبع لا . إن لم تقتنعي بأن ستر الوجه فرض مع الأدلّة على ذلك ؛ فبإمكانكِ معرفة ذلك فقط من المعنى اللّغويّ لهذه الكلمة . من جانب آخر ؛ لنفترض أنّ الله عزّ وجلّ لم ينزل في كتابه الكريم آيات الحجاب ، وجاءنا أمر تكليفيّ باختيار الأنسب والأورع وما يرضيه ، فماذا تختارين ؟ فطرتكِ السّليمة قبل كلّ شيء تدلّكِ على الطّريق الصّحيح . كيف تحمين نفسك من إيذاء الأشرار ؟ لا يكون ذلك إلا بستر الوجه ، كيف ستسهمين في إعفاف الشّباب ؟ لا يكون ذلك إلا بستر الوجه إضافة إلى كامل البدن طبعاً .

 ربّما تقولين : أنا لا دخل لي ، هو غير ملتزم ، وأنا لم أجبره على النّظر .  فأقول لكِ : اعلمي أنّ الكثير من الشّباب ؛ لا أقول ضعاف النّفوس ، ولكنّهم شرفاء أطهار ، ويغضّون البصر ، إلا أنّهم غير قادرين على الزّواج ؛ ربّما لصغر سنّهم ، ربّما لعدم كفاية المادّة بين أيديهم ، وأسباب أخرى كثيرة . ولكنّ هذا الشّابّ – المتديّن – عندما تقع عينه دون إرادة منه على فتاة في الطّريق ، ألا يذوب قلبه في جوفه بسبب هذه الإثارة ، صحيح أنّه غضّ بصره فوراً ؛ لكن بعد أن تألّم أشدّ الألم . وربّما تقولين : هذه مبالغة فالتي تكون غير ملتزمة بلباسها ، وتلبس الضّيّق والشّفاف ؛ هي الّتي تغري ، وأنا محتشمة بلباسي بشكل كبير ، فما المانع من كشف وجهي ؟ وفي تلك الحال أقول لكِ : ربّما أنتِ بلباسكِ واحتشامكِ ملفتة للنّظر أكثر من غيرك ، كيف ذلك ؟ بعض الشّباب ملّوا ، بل ازدروا الكاسيات العاريات ، والتفتوا إلى المحتشمات ، وإذا كانت تلك تفتن بأعضائها ؛ فأجمل ما في الأنثى وجهها ، وهو أوّل ما يلفت النّاظر ويدعوه إلى النّظر .

وربّما تكونين إحدى القائلات : جمالي لا يصل إلى درجة أن أفتن النّاظر .  فأقول لكِ أختي العزيزة : كوني على قناعة تامّة ؛ أنّه مهما كان شكلكِ ، وعل أيّة هيئة كنتِ ؛ فلا بدّ أن تلفتي نظر أحدهم ، فهذه غريزة أودعها الله في قلب كلّ إنسان . وربّما أوّل فكرة ستخطر في بالكِ أنّكِ بمجرّد ستركِ وجهكِ ؛ فلن ينظر إليكِ أحد ، وسيفوتكِ القطار الّذي طالما انتظرتِ الرّكوب فيه .  فأقول لكِ : هل يعقل أن تخطبي ودّ الله ، وتسعي لإرضائه ، وبعد هذا لا يرضيكِ ؟! ومن قال لكِ إنّ هذه الأمور لا تكون إلا إذا نلت إعجاب أحدهم في الطّريق ؟ ومن ناحية أخرى ؛ إن قصد أحد خطبتكِ نتيجة رؤيته لكِ ؛ فاعلمي أنّه في الغالب ليس غاضّاً لبصره ، وكذلك أتى لجمالكِ ، لا لأخلاقكِ ، أو لصفات راقية كان قد حدّدها مسبقاً . وربّما تقولين : لن يكفّ النّاس عن الاستهزاء بي إن سترت وجهي ، وخاصّة أقاربي .  فأقول لكِ : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21) سورة الأحزاب .

أختي الطّاهرة : أحبّ أن أخبركِ بحادثة تلفت نظري هذه الأيّام ، نرى بعض الفتيات يرتدين الخمار فجأة ، ويسترن وجوههنّ ، وعندما نبارك لهنّ باختيارهنّ الكمال ؛ يصدمننا فتيات أخريات بالقول : هذا مؤقّت ، وليس دائماً ، لماذا يا ترى ؟ هل من سبب آخر دفعهنّ للسّتر الكامل دون رغبة ؟ نعم لقد عرفنا ما هو السّبب ، يذهبن إلى الطّبيب لحساسية في بشرتهنّ ، لا يكاد أيّ دواء يجدي مع هذا التّحسّس الدّائم ، فيصف لهنّ الطّبيب دواء كان قد وصفه الخالق ، ولكن الآن فقط انتبهن لهذه النّاحية ، حيث يقول الطّبيب : لا سبيل للعلاج إلا غطاء الوجه ، وإلا ستبقين على هذه الحال ، ولن تشفي .

أرأيت أخيّتي ؟ ما موقفكِ الآن ؟ أرى أنّ هذه رسالة واضحة من الخالق عزّ وجلّ ، من الإله الّذي هو أدرى بما ينفع عباده ، رسالة تبيّن بشكل غير مباشر ضرورة ستر الوجه ، هذه رؤيتي أيّتها الأخت العزيزة ، ولكِ الحرّيّة في آرائكِ .

وأخبركِ بحادثة أخرى : ( التّكنولوجيا ) في تقدّم مستمرّ ، وبالتّأكيد لكِ علم بما آلت إليه الهواتف النّقّالة ، لم تشتمل على آلة تصوير – كاميرا – فحسب ، بل إنّ بعض أنواع الهواتف المحمولة اليوم ؛ قادر على التقاط صورة وجه أيّة امرأة من مسافة بعيدة ، يعني مهما حاولتِ ؛ فلن تكوني قادرة على منع أحدهم من التقاط صورة لكِ ، لأنّها وببساطة ستلتقط دون علمكِ ، وأنت أخيّتي على علم بالنّتيجة ، وفهمكِ كفاية !

يقول البعض : لا تستر المرأة وجهها إلا في عصر الفتنة ، فإن أمِنت الفتنة ؛ فلا ضرورة . وإن كان ذاك ؛ فأيّة فتنة أشدّ من هذه الفتنة ؟! لقد بات عصرنا مخيفاً أختي الكريمة ، ألا تنجين بنفسكِ وتصونينها من الأذى ؟!

أؤكّد لكِ وأبشّركِ بأطيب الثّمار وخيرها إن أنتِ سعيتِ للكمال : {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (17) سورة السجدة .

ألا تجرّبين ذلك ؟ هل هذا متعب لكِ في الصّيف ؟ وكيف ستحصلين على الأجر إن لم تكن هناك مشقّة ؟ لو كان الحلال سهلاً ؛ لتهافت النّاس وأقبلوا لفعله ، ولكنّها حكمة الله : {وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ ...} (141) سورة آل عمران .

أنتِ بإقبالكِ على الكمال ، تثبتين أنّكِ أقبلتِ طلباً لرضى الله ، لا لأيّ شيء آخر ، إن بادرتِ إلى الاحتشام التّامّ ، فقد استجبتِ لنداء الله جلّ في علاه ، وستبلغين بإذنه أرقى درجات القرب واليقين ، وستشعرين بسعادة ، والله أكبر بكثير من سعادة الأخت الّتي اكتفت بتغطية رأسها ، ولا أخفيكِ ؛ الطّريق متعبة نوعاً ما ، وهذا أحلى ما فيها ، لأنّها إن كانت مزهرة ؛ فلن تشعري بالسّعادة ، ولن تحسّي بلذة هذه المشقّة الّتي فضّلتِها لتنالي حبّ المولى ، فعليكِ بالصّبر ، لأنّ ثمرة الصّبر من أطيب الثّمار وأحلاها .

ولا تنسي أخيّتي : حجابكِ الكامل وسترُكِ وجهَكِ بالذات كالحصن المنيع ، لن يجرؤ أحد على اختراقه أو اقتحامه أو الاعتداء على من احتمى به ...

ولا أنسى أن أؤكّد لكِ : أنا لا أتوجّه بأسلوب النّقد ، أبداً أبداً .. ولكنّي أريد لي ولكِ بلوغ أعلى أنواع السّعادة ، فأنتِ جوهرة قيّمة غالية الثّمن ، يجب ألا يراها إلا من استحقّ رؤيتها .