wwww.risalaty.net


رفقاً بالقوارير ... رؤية في حقوق المرأة


بقلم : ديمة محمد ديب هديب

 

هكذا بدأت القصة ...

زوجي : إذا أردت الصفاء في البيت والهناء في الحياة فلا تدع لأمك مكاناًَ بيننا وإلا تجدني في بيت والداي !!..

ولدي : إن أردت ميراث أبيك فاترك زوجتك واسمع ما تقوله أمك !!..

ولدي : طلق زوجتك وسأعطيك ما تريد ؛ وسيقدم لك والدك ما تشاء وسأزوجك قريبتي الجميلة فزوجتك هذه لا تحب أمك ولا ترضي أبيك، وإن لم تفعل فاذهب فلست ولدي !!..

زوجتي : أنت طالق ... لأن أمي تريد هذا ، لأن المال الوفير سيصبح ملكي ، لأن الزوجة الجميلة الثرية بانتظاري ...

وأسدل الستار على قصة من آلاف قصص الطلاق التي تحدث من أجل أسباب واهية وأعذار سخيفة.. وحال هذه الفتاة لا يوصف وقد ضاقت عليها الأرض بما رحبت وشعرت بخروج روحها مرات ومرات مع كل حرف من حروف هذه الكلمة ؛ أحست بحرف " الطاء " أنه طلقة من مسدس لا يعرف الرحمة والشفقة وكأنها طلقة قناص لا يهمه إلا فريسته .. وأحست بحرف " الألف " أن الآلام والانتقادات ستصبح ديدن حياتها .. ونقلتها " اللام " إلى حال اللبوة التي يأخذها الذئب غدراً على حين غرة وتسقط صريعةً لا حراك لها .. أما " القاف " فهو قيدٌ في البيت وقهرٌ من الناس وقمعٌ في الحياة وقسوةٌ من الأهل والأبناء .. فأرادت أن تصرخ بأعلى صوتها .. ولكن لا تستطيع !! تريد أن تبكي لكنَّ دموعها حبيسةً مقيدة !! كبلتها  العادات وأسرتها التقاليد وخنقها العرف .. أصبحت منبوذةً من أهلها ؛ وكأنها فعلت ذنباً عظيماً لا يُغتفر !! حتى صديقاتها وقريباتها أصبحن يُبعدنَ أولادهنَّ عنها وكأنها وباءٌ سيلتهمُ هؤلاءِ الأطفال.. هذا حالها .. فماذا تفعل ؟! هذه نظرة المجتمع لها .. وهي نظرةٌ ظالمة تفتقدُ الرحمةَ والشفقة وينقصها الاهتمام والتقدير .. ما ذنبها ؟! وما ذنب أولادها الذين فقدوا كثيراً من فرحهم في الحياة لأن أمهم مطلقة .. وما قضية أختها فقد كان الخطاب يتنافسون أيُّهم يحظى بها وفجأة تراجعت الخطوات وبدأ الشبان يتنازلون سريعاً عن هذه الزوجة الفاتنة لأن أختها مطلقة .. فأين نحن من قوله تعالى : (( ولا تَزِرُ وَازِرةٌ وِزرَ أخرى)) أهكذا علمنا الإسلام أن ننظر إلى المرأة !! أهكذا ربانا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن نتعامل مع النساء !! وماذا تعني مطلقة !! هل هي مذنبة ؟! هل هي مخطئة ؟! كيف نحاسبها على أمر شرعه الله وهو آخر حل عند استحالة الحياة وهو علاج أيضاً ؛ وقد علمنا أن زيد بن حارثة رضي الله عنه طلَّق زينب .. فما أصبحت حبيسة بيتها ينظر الناس إليها شزراً ويخافون على أولادهم منها .. بل تزوجها أكرم الخلق وأفضل الناس وما ضرَّه أنها كانت مطلقة بل أصبحت من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهنَّ ... أفنعيب على خير القرون وصفوة الناس !! بالتأكيد لا ؛ وحاشا وكلا .. ولكن نعيب على أنفسنا أننا ضيقنا مفهوم الرحمة والسماحة في الإسلام ونسينا قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( رفقاً بالقوارير )) فإن المرأة تكون مصانةً كريمةً في بيت زوجها أو بيت أبيها ومع ذلك طلب منا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرفق بها فكيف بمن خرجت من بيت أبيها إلى بيت زوجها ثم عادت مرة أخرى إلى بيت أبيها منكسرةً حزينةً مقهورة تجرُ أذيال الخيبة .. ألا تستحق منا وقفةً صادقة ، ورحمةً ظاهرة ، وتغييراً في مفاهيمنا حتى تعود هذه المرأة إلى مكانتها التي وضعها بها الإسلام ؛عزيزة ، كريمة ، ملكةً على القلوب قبل البيوت .. عندها فقط تستقيم الأمور ونقول : ما أكرم النساء إلا الإسلام ... والسلام ...

اللهم احفظ بيوت المسلمين ووفق بينهم ... آمين يا أرحم الراحمين ...