wwww.risalaty.net


هل يستويان ... من يلهو ويلعب ومن يدرس ويتعب ؟


بقلم : ديمة محمد ديب هديب

 

هكذا هي الأيام .. تمضي سريعاً لا نشعر بها إلا ما قضيناه في عملٍ صالح أو علمٍ نافع ، وتتراكض الساعات كما يتراكض الأطفال الصغار فرحاً ومرحا وتطوي الدقائق أفراحاً وأحزانا وآمالا وآلاماً وتناقضات غريبة؛ وتسير الليالي سير الجواد الماهر لا نشعر بما قدمنا فيها إلا عند حصولنا على النتائج والثمار ...

 عندها فقط نعلم هل نجحنا أو أخفقنا ؟ وهذا حال كل شيءٍ في هذه الحياة تعمل طوال الوقت ثم في النهاية لا تدري هل قُبل عملك أو لا  ؟ إلى أن تأخذ النتيجة ؛ وهذا كان حال طلابنا منذ أيام عندما حصلوا على نتائج دراستهم لعام كامل .. تعب وجهد وعناء ونصب وتوتر نفسي وضغط عصبي وانتظار ودراسة طوال العام وهم ينتظرون الآن أن يعرفوا ما النتيجة وما الثمرة !!

وآخرون استراحوا طيلة العام .. لعب ولهو وراحة ودعة وأعصاب باردة ونفس مطمئنة وكأن النجاح سهل المنال ، هؤلاء أيضا كانوا ينتظرون ... هما فريقان كل ينتظر ثمرة عمله فهل الأمر سواء ؟! بالتأكيد لا.. فهل يعقل أن من تعب طوال العام أن يتعب يوم حصوله على نتيجته ومن لعب طوال العام أن يستريح يوم قطف الثمر.. كان الموقف مقلقاً ومخيفاً ومربكاً ولم أستطع أن أنسى أن هذا الموقف عصيب للغاية في كل مراحل الدراسة ، نعم .. إنها سجلات بسيطة عليها بضع أرقام وربما لن يطَّلع أحد عليها .. وسرعان ما تراءى أمام ناظري موقف آخر مشابه لهذا اليوم .. أناس تعبوا طوال حياتهم أظمؤوا نهارهم بالصيام وسهروا ليلهم بين ركوع وسجود وبكاء وخشوع وانتهوا عند نهي الرحمن وتقدموا يرجون رفقة النبي العدنان ..كم غضوا أبصارهم عما حرَّم الله وكم احتشمن في لباسهنَّ رغبةً في رضا الله وكم تعبوا في هذه الدنيا وعملوا حتى يحصلوا في النهاية على الثمرة الطيبة ويشعروا بحلاوة النجاح ولذة الفوز كانت أجسامهم في الأرض وأرواحهم في السماء ، تعبوا جداً وجاهدوا كثيراً وجاؤوا يوم القيامة بأعمالهم يرجون رحمة الله ويخشون عقابه ، وآخرون تمتعوا بحياتهم كما يشاؤون وفعلوا ما يشتهون ليس بينهم وبين فعل الحرام إلا أن يشتهوه؛ أطلقوا العنان لأنفسهم وجالت أبصارهم فيما حرَّم الله وما خشيت الفتيات أن يعرضن مفاتنهن للناس ؛ وكان رمضان همّاً على قلوبهم ؛ وكانت الزكاة ضريبة يكره دفعها ، كم ناموا واستراحوا وتهاونوا واتخذوا في حياتهم شعاراً : ( في الحياة فسحة فلنعمل ما نشاء ولنتمتع بحياتنا والله غفورٌ رحيم ) ونسوا أن هناك يوماً لا يستوي فيه من تعب مع من لعب ؛ هؤلاء أيضاً جاؤوا يحملون أوزارهم على ظهورهم ويقولون يا ليتنا كنا ترابا .. فما أصعب هذه المقارنة وما أقساها ؛ فكيف يمكن أن يستوي فريقان : فريق هدى الله وفريق حقَّ عليهم الضلالة ؛ فيا سبحان الله ما أعدله من حكم وما ألطفه وأعظمه من عدل رحيم ؛ فهذا هو قانون الله لا يجمع أمنين وخوفين على ابن آدم ..  وهو هو حال الطلاب في هذه الأيام عندما صدرت نتائجهم ؛ تذكروا الأيام السالفة فمنهم من قال : ( الحمد لله الذي هداني لأعمل وأجتهد وأتعب حتى أرتاح وأفرح وأنجح ) .. ومنهم من قال : ( يا ليت الوقت يعود لأستغل كل لحظة منه ) وأنَّى ذلك ؛ فهلاَّ نظرة مقارنة بسيطة من أي الفريقين نحب أن نكون حتى تكون المحصلة النهائية هي النجاح في الدنيا ورضا الله ونعيمه في الآخرة ...

اللهم إني أسألك الجنَّة وما قرَّب إليها مِن قولٍ أو عمل وأعوذ بك مِنَ النَّارِ وما قرَّب إليها مِن قولٍ أو عمل ... آمين يا أرحم الراحمين ...