wwww.risalaty.net


من نسمات عرفـــــات


بقلم : آلاء محمد خالد الخطيب

وهل للنسيم أنواع ؟؟!

 

عند كل صباح مع أشعة الشمس الدافئة تلفّنا نسمات عليلة تجتاح النفس والفكر والقلب

هي نسائم متعددة بأشكالها متفرّدة بوقعها ، فلطالما انتظر العديد منّا إشراقة وجه فجر جديد تنبعث من فمه نسمة تبعث الراحة وتجدد الأمل ...

رافقت تلك النسمات الهادئة نفحات عطرة هبّت علينا من أطهر البقاع ...

نفحة عانقت الأنوار وقبّلت كعبة الأسرار ثم طافت بعرفة مجمع المساواة بين الصغار والكبار لتختتم جولتها قبل أن تهبّ على أرض الشآم بمدينة سيد الكون وحبيب العظيم الجبار ...

فتح الجمع بيوتهم ونوافذهم علّهم يحظون بمرور نفحة الخير من منازلهم فتكون المبشّر لهم بدعوة من الكريم المتعال لشهود موقف عظيم طالما تغنى به كل من مرّغ وجهه وأوقف قلبه عند يوم الوقفة الصغرى طالباً الفغران والرضوان والفوز بجنة قرار ...

وطالما هتفت ألسنةٌ ونادت أفئدةٌ من يتنزل بالأسحار أنِ اجعلنا مع من دعوتهم فلبّوا وجُدت بضيافتهم فسعِدوا ...

هي نفحة ليست كنسمات الصباح التي تزورنا بين الفينة والأخرى ، هي ريح نديّة ذكيّة تفوح بجمال عطرها وتُسكر من ينتظر بشوق ولهفة قدومها في كل عام ؛ علّه يكون ممّن تحمله معها ليجد نفسه قد انعدمت الأسباب وصار فوق تراب عرفة وعرفات ...

قد تكون معهم في هذا العام ، ولمَ لا ؟؟!

إن عَزمت فلن تَخيب ، وإن توكَّلت فلن تُوكل ...

إن لم تكن بالجسد معهم فأنت بالروح هناك ، تلبّي وتناجي وتدعُ وتنادي ...

تسبق عبرتك من سبقك بجسده لتلامس الأنوار وتقبّل الحجر الأسعد من بين مئات الزوّار...

ستكون هناك مُحرِماً بروحك ملبياً لمن دعاك لأن تكون من عبيده ، محرّكاً فيك الأشواق واعِداً إيّاك بالسماح بالجواز في وقت تكون فيه قد ذُبت من لوعة الاشتياق ، وهُمت لتمريغ الخدّ بدموع عرفات ....

ستكون هناك معهم ووسطهم وبينهم تؤمّن على دعائهم ثم تنعزل بمكان ضيق لا يسمح لك ببضع سنتيمترات تكون فيها على انفراد ، ولكنه يذكّرك بهول يومٍ ينس فيه المرء كل ما حوله ولا يلتفت لسواه ، عندها ستغرق ليس بعرقك من حرارة شمس تكون دانية من الرؤوس ، ولكن من دموع اعتراف وتوبة تكون قد ألجمت فِيك وقيّدت مافيك حتى عجزت الألفاظ أن تنبس من بين شفتاك ، فالذنوب عظيمة والمعاصي جسيمة والمخالفات كانت تُقام لها وليمة ، ولكن توجد اليوم عَزيمة تصاحبها توبة مع عدم عودة ...

يوجد بوحٌ بالآثام وخلجات القلب والفكر وما حصده اللسان ، مصحوب ببطاقات عفوٍ وصَفحٍ وتوبةٍ وغفرانٍ ورضوان تتنزّل على قلوب وأفئدة كلّ واقف بذاك المكان ...

فالمُلك اليوم لله الواحد القهار الذي وحّد الألوان فليس هناك تفاضل وتمايز ، وقهر الأسباب فجمع عبيده من كافة البلدان ....

جمعٌ هنا وآخر هناك ، كلٌ يدعُ بلغة مغايرة للأخرى ....

ثم ستذكر قوله عزّ من قائل : ﴿ يا أيُّها الَّذينَ آَمَنُوا تُوْبُوا إلى الله تَوبةً نَصُوحا ﴾ ، هنا ستفرّ منه إليه وتعاود الطلب والإلحاح أنِ استجب لنا وأعطنا سؤلنا واجعلنا ممّن قبلتهم وغفرت لهم وعفوت عنهم  ...

فإن كنت قد تعرّضت لنسائم الصباح ، فما عليك إلاّ أن تستنفر لنفحات أقبلت فتكون مع قلوب هيئت وأجسام وأرواح أو كليهما معاً تستعدّ للرحيل ...